تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـًٔا إِمۡرٗا} (71)

يقول تعالى مخبرًا عن موسى وصاحبه ، وهو الخضر ، أنهما انطلقا لما توافقا واصطحبا ، واشترط عليه ألا يسأله عن شيء أنكره حتى يكون هو الذي يبتدئه{[18335]} من تلقاء نفسه بشرحه وبيانه ، فركبا في السفينة . وقد تقدم في الحديث كيف ركبا في السفينة ، وأنهم عرفوا الخضر ، فحملوهما بغير نول - يعني بغير أجرة - تكرمة للخضر . فلما استقلت بهم السفينة في البحر ، ولججت أي : دخلت اللجة ، قام الخضر فخرقها ، واستخرج لوحًا من ألواحها{[18336]} ثم رقعها . فلم يملك موسى ، عليه السلام ، نفسه أن قال منكرًا عليه : { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا } . وهذه اللام لام العاقبة لا لام التعليل ، كما قال الشاعر{[18337]} :

لدُوا للْمَوت وابْنُوا للخَرَاب

{ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا } قال مجاهد : منكرًا . وقال قتادة عجبًا .

/خ65


[18335]:في ف، أ: "يبتدئ به".
[18336]:في ت: "ألواح".
[18337]:هو أبو العتاهية، والبيت في ديوانه (ص46) أ. هـ. مستفادا من ط - الشعب.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـًٔا إِمۡرٗا} (71)

{ فانطلقا } على الساحل يطلبان السفينة ، { حتى إذا ركبا في السفينة خرقها } أخذ الخضر فأسا فخرق السفينة بأن قلع لوحين من ألواحها . { قال أخرقتنا لتُغرق أهلها } فإن خرقها سبب لدخول الماء فيها المفضي إلى غرق أهلها . وقرئ " لتُغَرِّق " بالتشديد للتكثير . وقرأ حمزة والكسائي " ليغرق أهلها " على إسناده إلى الأهل . { لقد جئت شيئا إمرا } أتيت أمرا عظيما من أمر الأمر إذا عظم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـًٔا إِمۡرٗا} (71)

وقوله { فانطلقا } روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهما انطلقا ماشيين على سيف البحر حتى مرت بهما سفينة ، فعرف الخضر فحملا بغير قول إلى مقصد أمه الخضر ، وعرفت { السفينة } بالألف واللام تعريف الجنس لا لعهد عينها ، فلما ركبا عمد الخضر إلى وتد فجعل يضرب في جنب السفينة حتى قلع به ، فيما روي لوحين من ألواحها فذلك هو معنى { خرقها } فلما رأى ذلك موسى غلبه ظاهر الأمر على الكلام حين رأى فعلاً يؤدي إلى غرفة جميع من في السفينة ، فوقفه بقوله { أخرقتها } وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم «لتغرق أهلها » بالتاء وقرأ أبو رجاء «لتغَرِّق » بشد الراء وفتح الغين ، وقرأ حمزة والكسائي «ليغرق أهلُها » برفع الأهل ، وإسناد الفعل إليهم و «الإمر » الشنيع من الأمور كالداهية والإد ونحوه ، ومنه أمر إمْر ابن أبي كبشة{[1]} ومنه أمر القوم إذا كثروا ، وقال مجاهد «الإمر » المنكر .

قال القاضي أبو محمد : والامر أخص من المنكر .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟