قوله : { فانطلقا حتى إِذَا رَكِبَا فِي السفينة خَرَقَهَا } الآية .
اعلم أنَّ موسى - عليه السلام - وذلك العالم ، لمَّا تشارطا على الشرط المذكور ، سار فانتهيا إلى موضع ، احتاجا فيه إلى ركوب السَّفينة ، فوجدا سفينة ، فكلموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر ، [ فحملوهم ]{[21217]} من غير نول ، فلما لجُّوا البحر ، أقدم ذلك العالم على خرق السَّفينة .
قال ابن الخطيب{[21218]} : لعلَّه أقدم على إخراق مكانٍ في السفينة ؛ لتصير السفينة بذلك السبب معيبة ظاهرة العيب ، فلا يتسارع به إلى أهلها الغرق فعند ذلك قال له موسى : { أخَرقْتهَا لتُغْرِقَ أهْلهَا } [ لمَّا رأى موسى - عليه السلام - ذلك الأمر المنكر بحسبِ الظَّاهر نسيَ الشرط المتقدم ؛ فلهذا قال ما قال ]{[21219]} .
والثاني : هي لام الصَّيرورة ، وقرأ الأخوان{[21220]} : " ليَغرَقَ " بفتح الياء من تحت ، وسكون الغين ، وفتح الراء ، " أهْلُهَا " بالرفع فاعلاً ، والباقون بضمِّ التاء من فوق ، وكسر الراء ، أي : لتغرق أنت أهلها ، بالنصب مفعولاً به ، والحسن وأبو رجاء كذلك ، إلا أنَّهما شدَّدا الراء .
والسَّفينة معروفة ، وتجمع على سفنٍ وسفائن ، نحو : صحيفة وصحف وصحائف ، وتحذف منها التاء مراداً بها الجمع ، فتكون اسم جنسٍ ؛ نحو : ثمر [ وقمح ]{[21221]} ، إلا أنه هذا في المصنوع قليلٌ جدًّا ، نحو : جَرَّة وجر ، وعمامة وعمام ، قال الشاعر : [ الوافر ]
مَتَى تَأتيهِ تَأتِي لُجَّ بَحْرٍ *** تَقاذفُ في غَوارِبهِ السَّفِينُ{[21222]}
واشتقاقها من السَّفن ، وهو القشر ؛ لأنَّها تقشر الماء ، كما سميت " بِنْتَ مخرٍ " لأنها تمخرُ الماء ، أي : تشقُّه .
قوله : " إمْراً " أي شيئاً عظيماً ، يقال : أمِرَ الأمْرُ ، أي : عظم وتفاقم ، قال : [ الرجز ]
دَاهِيَةً دَهْيَاءَ إدًّا إمْرا{[21223]} *** والإمرُ في كلام العرب : الدَّاهيةُ ، وأصله كل شيءٍ شديدٌ كثيرٌ ، يقال : أمر القوم : إذا كثروا ، واشتدَّ أمرهم .
ومعنى الآية : لقد جئت شيئاً منكراً .
وقال القتيبيُّ : " إمْراً " أي عظيماً عجيباً منكراً .
روي أنَّ الخضر ، لمَّا [ خرق ]{[21224]} السَّفينة لم يدخلها الماءِ{[21225]} .
وروي أن موسى لمَّا رأى ذلكَ أخذ ثوبه ، وحشا به الخرق{[21226]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.