إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـًٔا إِمۡرٗا} (71)

{ فانطلقا } أي موسى والخضِرُ عليهما الصلاة والسلام على الساحل يطلبان السفينةَ ، وأما يوشعُ فقد صرفه موسى عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيلَ ، قيل : إنهما مرا بسفينة فكلّما أهلها فعرفوا الخضِرَ فحملوهما بغير نَول{[520]} { حَتَّى إِذَا رَكِبَا في السفينة } استعمالُ الركوب في أمثال هذه المواقع بكلمة في مع تجريده عنها في مثل قوله عز وجل : { لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } على ما يقتضيه تعديتُه بنفسه لِما أشرنا إليه في قوله تعالى : { وَقَالَ اركبوا فِيهَا } لا لما قيل : من أن في ركوبها معنى الدخول { خَرَقَهَا } قيل : خرقها بعد ما لججوا حيث أخذ فأساً فقلع من ألواحها لوحين مما يلي الماء ، فعند ذلك { قَالَ } موسى عليه السلام { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا } من الإغراق ، وقرئ بالتشديد من التغريق وليغرَقَ أهلُها من الثلاثي { لَقَدْ جِئْتَ } أتيت وفعلت { شَيْئًا إِمْرًا } أي عظيماً هائلاً من أمرِ الأمرُ إذا عظُم ، قيل : الأصل أَمِراً فخفف .


[520]:النول: جعل السفينة وأجرها. ويمكن استخدامه اليوم للدلالة على الرسم الذي يؤدي إلى مصلحة البريد أجرة لنقل الطرود ونحوها.