تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَاۖ قَالَ أَخَرَقۡتَهَا لِتُغۡرِقَ أَهۡلَهَا لَقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـًٔا إِمۡرٗا} (71)

الآية 71 : وقوله تعالى : { فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها } هذا الكلام يخرج على وجهين .

( أحدهما ){[11754]} : على الإنكار عليه ، أي أخرقتها لتغرق أهلها ؟ أو لتعيبها ؟

( والثاني : على الاستفهام ، أي أخرقتها لتغرق أهلها ؟ أو لتعيبها ؟ ){[11755]} أو لماذا ؟

وظاهر{[11756]} هذا الحرف استفهام لولا قوله : { لقد جئت شيئا إمرا } .

فإن كان على الأول على الإنكار عليه والرد فقوله : { لقد جئت شيئا إمرا } ظاهرا ، أي جئت شيئا عظيما{[11757]} شديدا .

( وإن كان على الاستفهام فهو على الإضمار ، كأنه قال : أخرقتها لتُغرق أهلها فلئن خرقتها لتغرق أهلها فلقد جئت شيئا إمرا ){[11758]} .

وإن كان التأويل على الإنكار فهو كما يقال لمن يبني بناء ، ثم يترك الإنفاق عليه في عمارته : بَنَيْتَ لِتُخَرِبَ ، أو لتهدم ، وكما يقال لمن زرع زرعا ، ثم ترك سقيه : زرعت لتفسده ، ونحوه ، وإن كان لم يبين( سببا ){[11759]} لذلك ، ولم يزرع لما ذكر ، ولكن لما كذلك يصير في العاقبة إذا ترك سقيه أو عمارة ما بنى .

فإن قيل : كيف قال له موسى { أخرقتها لتغرق أهلها } وبعد ( ذلك ){[11760]} لم يعلم أن ذلك الخرق مُغرق أهلها ، وقد يجوز أن يكون غير مغرق . قيل : إنما أخبر عما يؤول الأمر في العاقبة ، والظاهر من الخرق أن يغرق في ( آخر الأمر ){[11761]} وهو كما ذكرنا من أمر البناء والزرع : بَنَيْتَ لتُخرب ، وزعت لتفسد ، وإن لم يكن بناؤه وزراعته لذلك .

فعلى ذلك قول موسى لصاحبه ، والله أعلم .


[11754]:ساقطة من الأصل و م.
[11755]:ساقطة من الأصل و م.
[11756]:ساقطة من م.
[11757]:أدرج قبلها في الأصل: إمرا أي.
[11758]:من م، ساقطة من الأصل.
[11759]:ساقطة من الأصل و م.
[11760]:ساقطة من الأصل و م.
[11761]:في الأصل و م: الآخرة.