وقوله : لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدا وَلا شَرَابا يقول : لا يَطْعَمون فيها بردا يُبَرّد حرّ السعير عنهم ، إلاّ الغساق ، ولا شرابا يَرْوِيهم من شدّة العطش الذي بهم ، إلاّ الحميم . وقد زعم بعض أهل العلم بكلام العرب أن البرد في هذا الموضع النوم ، وأن معنى الكلام : لا يذوقون فيها نوما ولا شرابا ، واستشهد لقيله ذلك بقول الكنديّ :
بَرَدَتْ مَرَاشِفُها عَليّ فَصَدّني *** عَنْها وَعَنْ قُبُلاتِها البَرْدُ
يعني بالبرد : النّعاس والنوم إن كان يُبرد غليلَ العَطَش ، فقيل له من أجل ذلك البرد ، فليس هو باسمه المعروف ، وتأويل كتاب الله على الأغلب من معروف كلام العرب ، دون غيره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدا وَلا شَرَابا إلاّ حَمِيما وَغَسّاقا فاستثنى من الشراب الحميم ، ومن البَرْد : الغَسّاق .
هذه الجملة يجوز أن تكون حالاً ثانية من { الطاغين } [ النبأ : 22 ] أو حالاً أولى من الضمير في { لابثين } [ النبأ : 23 ] وأن تكون خبراً ثالثاً : ل { كانت مرصاداً } [ النبأ : 21 ] .
وضمير { فيها } على هذه الوجوه عائد إلى { جهنم } [ النبأ : 21 ] .
ويجوز أن تكون صفة ل { أحقاباً } [ النبأ : 23 ] ، أي لا يذوقون في تلك الأحقاب برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً . فضمير { فيها } على هذا الوجه عائد إلى الأحقاب .
وحقيقة الذوق : إدراك طعم الطعام والشراب . ويطلق على الإِحساس بغير الطعوم إطلاقاً مجازياً . وشاع في كلامهم ، يقال : ذاق الألم ، وعلى وجدان النفس كقوله تعالى : { ليذوق وبال أمره } [ المائدة : 95 ] . وقد استعمل هنا في معنييه حيث نَصَب { برداً } و { شراباً } .
والبَرْد : ضد الحرّ ، وهو تنفيس للذين عذابهم الحر ، أي لا يغاثون بنسيم بارد ، والبرد ألذُّ ما يطلبه المحرور . وعن مجاهد والسدّي وأبي عبيدة ونفر قليل تفسير البَرْد بالنوم وأنشدوا شاهديْن غير واضحين ، وأيًّا مَّا كان فحمل الآية عليه تكلف لا داعي إليه ، وعطف { ولا شراباً } يناكده . والشراب : ما يُشرب والمراد به الماء الذي يزيل العطش . والحميم : الماء الشديد الحرارة .
والغساق : قرأه الجمهور بتخفيف السين : وقرأه حمزة والكسائي وحفص بتشديد السين وهما لغتان فيه . ومعناه الصديد الذي يسيل من جروح الحرق وهو المُهْل ، وتقدما في سورة ( ص ) .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
لا يَطْعَمون فيها بردا يُبَرّد حرّ السعير عنهم، إلاّ الغساق، ولا شرابا يَرْوِيهم من شدّة العطش الذي بهم، إلاّ الحميم.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
لا يذوقون فيها برداً وروحاً ينفس عنهم حرّ النار، ولا شراباً يسكن من عطشهم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان المسكن لا يصلح إلا بالاعتدال والماء الذي هو حياة كل شيء، قال ذاكراً حال هذا اللبث: {لا يذوقون} أي ساعة ما فكيف بما فوق الذوق {فيها} أي النار خاصة، وكأنه أشار بتقديمه إلى أنهم يذوقون في دار أخرى الزمهرير {برداً} أي روحاً وراحة لنفعهم من الحر أو مطلق البرد {ولا شراباً} من ماء أو غيره يغنيهم من العطش على حال من الأحوال...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
... حقيقة الذوق: إدراك طعم الطعام والشراب. ويطلق على الإِحساس بغير الطعوم إطلاقاً مجازياً. وشاع في كلامهم، يقال: ذاق الألم، وعلى وجدان النفس كقوله تعالى: {ليذوق وبال أمره} [المائدة: 95]. وقد استعمل هنا في معنييه حيث نَصَب {برداً} و {شراباً}.
والبَرْد: ضد الحرّ، وهو تنفيس للذين عذابهم الحر، أي لا يغاثون بنسيم بارد، والبرد ألذُّ ما يطلبه المحرور. وعن مجاهد والسدّي وأبي عبيدة ونفر قليل تفسير البَرْد بالنوم، وأنشدوا شاهديْن غير واضحين، وأيًّا مَّا كان فحمل الآية عليه تكلف لا داعي إليه، وعطف {ولا شراباً} يناكده. والشراب: ما يُشرب والمراد به الماء الذي يزيل العطش. والحميم: الماء الشديد الحرارة.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.