اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرۡدٗا وَلَا شَرَابًا} (24)

{ لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً } جهنم .

قوله : { لاَّ يَذُوقُونَ } . فيه أوجه :

أحدها : أنه مستأنف ، أخبر عنهم بذلك .

الثاني : أنه حال من الضمير في «لابِثيْنَ » غير ذائقين ، فهي حال متداخلة .

الثالث : أنه صفة ل «أحْقَاب » .

قال مكي : واحتمل الضمير ؛ لأنه فعل فلم يجب إظهاره كأن قد جرى صفة على غير من هو له ، وإنَّما جاز أن يكون نعتاً ل «أحْقَاب » لأجل الضمير العائد على «الأحقاب » في «فيها » ، ولو كان في موضع «يَذُوقُونَ » اسم فاعل لكان لا بُدَّ من إظهار الضمير إذا جعلته وصفاً ل «أحقاب » .

الرابع : أنه تفسير لقوله تعالى : { أَحْقَاباً } إذا جعلته منصوباً على الحال بالتأويل المتقدم عن الزمخشري ، فإنه قال : «وقوله تعالى : { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } . تفسير له » .

الخامس : أنه حال أخرى من «للطاغين » ك «لابثين » .

فصل في معنى هذا البرد

قال أبو عبيدة : البَرْدُ : النومُ ؛ قال الشاعر : [ الطويل ]

5076- فَلوْ شِئْتُ حَرَّمتُ النِّساءَ سِواكُمُ *** وإنْ شِئْتُ لَمْ أطْعَمْ نِعَاجاً ولا بَرْدَا{[59141]}

وهو قول مجاهد والسديِّ والكسائيِّ والفضل بن خالدٍ وأبي معاذٍ النحويِّ .

والعرب تقول : منع البَرْدُ البَرْدَ ، يعني : أذهب النوم .

وقال ابن عباس رضي الله عنه : البرد برد الشراب .

وعنه - أيضاً - البرد : النَِّوم ، والشراب : الماء{[59142]} .

قال الزجاج : لا يذوقُونَ فيها بَرْدَ ريحٍ ، ولا بَرْدَ نومٍ ولا بَرْدَ ظلٍّ . فجعل البرد كل شيء له رائحة .

وقال الحسن وعطاء وابن زيد : بَرداً : أي روحاً ورائحة{[59143]} .


[59141]:تقدم.
[59142]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/118).
[59143]:ينظر المصدر السابق.