السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرۡدٗا وَلَا شَرَابًا} (24)

{ لا يذقون } أي : غير ذائقين { فيها } أي : النار { برداً ولا شراباً إلا حميماً وغساقاً } ثم يبدّلون بعد الأحقاب غير الحميم والغساق من جنس آخر من العذاب ، ويجوز أن يكون جمع حقب من حقب عامنا إذا قل مطره وخيره ، وحقب فلان إذا أخطأ الرزق فهو حقب وجمعه أحقاب فيتنصب حالاً عنهم يعني : لابثين فيها حقبين جهدين ، وقوله تعالى : { لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً } تفسير له والاستثناء منقطع يعني : لا يذوقون فيها برداً . قال عطاء والحسن : أي : راحة وروحاً ، أي : ينفس عنهم حرّ النار ولا شراباً يسكن من عطشهم ولكن يذوقون فيها حميماً أي : ماء حارًّا غاية الحرارة وغساقاً وهو ما يسيل من صديد أهل النار فإنهم يذوقونه وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنّ البرد النوم ومثله ، قال الكسائي وأبو عبيدة : تقول العرب منع البرد البرد أي : أذهب البرد النوم ، قال الشاعر :

فلو شئت حرمت النساء سواكم *** وإن شئت لم أطعم نقاخاً ولا بردا

وقرأ حمزة والكسائيّ وجعفر بتشديد السين والباقون بتخفيفها . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الغساق الزمهرير يحرقهم ببرده .