تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةٗ وَسُرُورٗا} (11)

قال الله تعالى : { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا } وهذا من باب التجانس البليغ ، { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ } أي : آمنهم مما خافوا منه ، { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً } أي : في وجوههم ، { وَسُرُورًا } أي : في قلوبهم . قاله الحسن البصري ، وقتادة ، وأبو العالية ، والربيع بن أنس . وهذه كقوله تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ } [ عبس : 38 ، 39 ] . وذلك أن القلب إذا سُرَّ استنار الوجه ، قال كعب بن مالك في حديثه الطويل : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ ، استنار وجهه حتى كأنه قطعة{[29597]} قَمَر{[29598]} وقالت عائشةُ : دخل عَلَيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا تَبرُقُ أسَاريرُ وَجْهه{[29599]} . الحديث .


[29597]:- (1) في م: "كأنه فلقة".
[29598]:- (2) حديث توبة كعب بن مالك في صحيح البخاري برقم (3951، 4673)، وفي صحيح مسلم برقم (2769)، وتقدم عند تفسير الآية: 118 من سورة "التوبة".
[29599]:- (3) حديث عائشة في لحاق أسامة بأبيه زيد. رواه البخاري في صحيحه برقم (3555)، ومسلم في صحيحه برقم (1459).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةٗ وَسُرُورٗا} (11)

وقوله : فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرّ ذلكَ اليَوْمِ وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورا يقول جلّ ثناؤه : فدفع الله عنهم ما كانوا في الدنيا يحذرون من شرّ اليوم العبوس القمطرير بما كانوا في الدنيا يعملون مما يرضى عنهم ربهم ، لقّاهم نضرة في وجوههم ، وسرورا في قلوبهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وسُرُورا قال : نَضْرة في الوجوه ، وسرورا في القلوب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورا نضرة في وجوههم ، وسرورا في قلوبهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورا قال : نعمة وسرورا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةٗ وَسُرُورٗا} (11)

تفريع على قوله : { يُوفُون بالنذر إلى قمطريراً } [ الإنسان : 7 10 ] .

وفي هذا التفريع تلوين للحديث عن جزاء الأبرار وأهل الشُكور ، وهذا برزخ للتخلص إلى عَود الكلام على حسن جزائهم أن الله وقاهم شرّ ذلك اليوم وهو الشر المستطير المذكور آنفاً ، وقاهم إياه جزاءً على خوفهم إياه وأنه لقاهم نضرة وسروراً جزاء على ما فعلوا من خير .

وأُدمج في ذلك قوله : { بما صبروا } الجامع لأحوال التقوى والعمل الصالح كله لأن جميعه لا يخلو عن تحمل النفس لترك محبوب أو فعل ما فيه كلفة ، ومن ذلك إطعام الطعام على حبه .

و { لقَّاهم } معناه : جعلهم يَلْقَون نضرة وسروراً ، أي جعل لهم نضرة وهي حسن البشَرة ، وذلك يحصل من فرح النفس ورفاهية العيش قال تعالى : { وجوه يومئذٍ ناضرة } [ القيامة : 22 ] فمُثل إلقاء النضرة على وجوههم بزجّ أحد إلى لقاء أحد على طريقة التمثيل .

وضمير الغائبةِ و { نضرة } مفعولا ( لَقى ) من باب كَسَا .

وبين ( وَقَاهم ) و { لَقَّاهم } الجناس المحرَّف .