تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةٗ وَسُرُورٗا} (11)

فشكر الله أمرهم ، فقال :{ فوقاهم الله شر ذلك اليوم } يعني يوم القيامة شر جهنم { ولقاهم نضرة وسرورا } آية نضرة في الوجوه وسرورا في القلوب ، وذلك أن المسلم إذا خرج من قبره يوم القيامة نظر أمامه ، فإذا هو بإنسان وجهه مثل الشمس يضحك طيب النفس ، وعليه ثياب بيض ، وعلى رأس تاج ، فينظر إليه حتى يدنو منه ، فيقول : سلام عليك ، يا ولي الله ، فيقول : وعليك السلام من أنت يا عبد الله أنت ملك من الملائكة ؟ فيقول : لا ، والله ، فيقول : أنت نبي من الأنبياء ؟ فيقول : لا والله ، فيقول : أنت من المقربين ؟ فيقول : لا والله ، فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الصالح أبشرك بالجنة ، والنجاة من النار ، فيقول له : يا عبد الله ، الله أبعلم تبشرني ؟ فيقول : نعم ، فيقول : ما تريد مني ؟ فيقول له : اركبني ، فيقول : يا سبحان الله ، ما ينبغي لمثلك أن يركب عليه ، فيقول : بلى فإني طال ما ركبتك في دار الدنيا ، فإني أسألك بوجه الله ، إلا ما ركبتني ، فيقول : لا تخف أنا دليلك إلى الجنة فيعم ذلك الفرح في وجهه حتى يتلألأ ، ويرى النور والسرور في قلبه ، فذلك قلبه : ولقاهم نضرة وسرورا ، وأما الكافر ، فإنه إذا خرج من قبره نظر أمامه ، فإذا هو برجل قبيح ، الوجه أزرق العينين أسود الوجه اشد سوادا من القبر في ليلة مظلمة ، وثيابه سود يجر أنيابه في الأرض تدهده دهدهة الرعد ، ريحه انتن من الجيفة ، فيقول : من أنت يا عدو الله ؟ ويريد أن يعرض بوجهه عنه ، فيقول : يا عدو الله إلي إلي ، وأنا لك اليوم ، فيقول : ويحك أشيطان أنت ؟ فيقول : لا والله ، ولكني عملك ، فيقول : ويحك ، ما تريد مني ؟ فيقول : أريد أن أركبك ، فيقول : أنشدك الله ، مهلا فإنك تفضحني على رءوس الخلائق ، فيقول : والله ما منك بد فطال ما ركبتني فأنا اليوم أركبك ، قال فتركبه ، فذلك قوله :{ وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون } [ الأنعام :31 ] .