تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

وقوله : { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ } أي : ما لمن أحسن في الدنيا العمل{[27939]} إلا الإحسان إليه في الدار الآخرة . كما قال تعالى : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] .

وقال البغوي : أخبرنا أبو سعيد الشَّريحِي ، حدثنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فَنجُوَيه ، حدثنا ابن شيبة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن بَهْرَام ، حدثنا الحجاج بن يوسف المُكْتَب ، حدثنا بِشْر بن الحسين ، عن الزبير بن عَدِيّ ، عن أنس بن مالك قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ } ، قال : " هل تدرون ما قال ربكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " يقول هل جزاء ما أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة " {[27940]} .


[27939]:- (6) في م: "العمل في الدنيا".
[27940]:- (7) معالم التنزيل للبغوي (7/456) وفيه بشر الأصبهاني يروي عن الزبير بن عدي عن أنس بنسخة موضوعة.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

وقوله : هَلْ جَزَاءُ الإحْسانِ إلاّ الإحْسانُ يقول تعالى ذكره : هل ثواب خوف مقام الله عزّ وجلّ لمن خافه فأحسن في الدنيا عمله ، وأطاع ربه ، إلا أن يحسن إليه في الاَخرة ربّهُ ، بأن يجازيه على إحسانه ذلك في الدنيا ما وصف في هذه الاَيات من قوله : ولِمَنْ خافَ مَقامَ رَبّهِ جَنّتانِ . . . إلى قوله : كأنّهُنّ الياقُوتُ وَالمَرْجانُ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلاّ الإحْسانُ قال : عملوا خيرا فجوزوا خيرا .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا عبيدة بن بكار الأزدي ، قال : ثني محمد بن جابر ، قال : سمعت محمد بن المنكدر يقول في قول الله جلّ ثناؤه : هَلْ جَزَاءُ الإحْسانِ إلاّ الإحْسانُ قال : هل جزاء من أنعمت عليه بالإسلام إلا الجنة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلاّ الإحْسانُ قال : ألا تراه ذكرهم ومنازلهم وأزواجهم ، والأنهار التي أعدّها لهم ، وقال : هَلْ جَزَاءُ الإحْسانِ إلاّ الإحْسانُ حين أحسنوا في هذه الدنيا أحسنا إليهم أدخلناهم الجنة .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، قال : حدثنا سفيان ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن أبي يعلى ، عن محمد بن الحنفية هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلا الإحْسانُ قال : هي مسجّلة للبرّ والفاجر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

وقوله تعالى : { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } آية ، وعد وبسط لنفوس جميع المؤمنين لأنها عامة . قال ابن المنكدر وابن زيد وجماعة من أهل العلم : هي للبر والفاجر . والمعنى أن جزاء من أحسن بالطاعة أن يحسن إليه بالتنعيم . وحكى النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية : «هل جزاء التوحيد إلا الجنة »{[10850]} .


[10850]:أخرجه ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان، وضعفه، عن ابن عمر. وأخرج مثله ابن النجار في تاريخه عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وكذلك أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، والبغوي في تفسيره، والديلمي في مسند الفردوس، وابن النجار في تاريخه عن أنس.(الدر المنثور).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

تذييل للجمل المبدوءة بقوله : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } [ الرحمن : 46 ] ، أي لأنهم أحسنوا فجازاهم ربهم بالإِحسان .

والإِحسان الأول : الفعلُ الحَسن ، والإِحسان الثاني : إعطاء الحَسن ، وهو الخَير ، فالأول من قولهم : أَحسن في كذا ، والثاني من قولهم : أحسن إلى فلان .

والاستفهام مستعمل في النفي ، ولذلك عقب بالاستثناء فأفاد حصر مجازاة الإِحسان في أنها إحسان ، وهذا الحصر إخبار عن كونه الجزاء الحقَّ ومقتضى الحكمة والعدل ، وإلا فقد يتخلف ذلك لدى الظالمين ، قال تعالى : { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } [ الواقعة : 82 ] وقال : { فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما } [ الأعراف : 190 ] .

وعلم منه أن جزاء الإِساءة السوء قال تعالى : { جزاءً وفاقاً } [ النبأ : 26 ] .