الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

وقوله سبحانه : { هَلْ جَزَاءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان } : آيةُ وَعْدٍ وبَسْطٍ لنفوسِ جميعِ المؤمنين ؛ لأَنَّها عامَّةٌ ؛ قال ابن المُنْكَدِرِ ، وابن زيد ، وجماعةٍ من أهْلِ العلم : هي لِلْبَرِّ والفاجر ، والمعنى : أَنَّ جزاءَ مَنْ أحْسَنَ بالطاعةِ أَنْ يُحْسَنَ إليه بالتنْعِيمِ ، وحكى النَّقَّاشُ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ هذه الآية : " هَلْ جَزَاءُ التَّوْحِيدِ إلاَّ الجَنَّةُ " .

( ت ) : ولو صَحَّ هذا الحديثُ ، لوجَبَ الوقوفُ عنده ، ولكنَّ الشأن في صِحَّتِهِ ، قال الفخر : قوله تعالى : { هَلْ جَزَاءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان } فيه وجوهٌ كثيرةٌ ، حتى قيل : إنَّ في القرآن ثلاثَ آيات ، في كل واحدة منها مائةُ قَوْلٍ ، إحداها : قوله تعالى : { فاذكروني أَذْكُرْكُمْ } [ البقرة : 152 ] وثانيتُهَا : { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } [ الإسراء : 8 ] وثالثتها : { هَلْ جَزَاءُ الإحسان إِلاَّ الإحسان } ولنذكر الأشهر منها والأقرب :

أما الأشهر فوجوه .

أحدها : هل جزاء التوحيدِ إلاَّ الجنةُ ، أي : هل جزاءُ مَنْ قال : لا إله إلا اللَّه إلاَّ دخولُ الجَنَّةِ .

ثانيها : هل جزاءُ الإحسان في الدنيا إلاَّ الإحسانُ في الآخرة .

ثالثها : هل جزاء مَنْ أحسنَ إليكم بالنعم في الدنيا إلاَّ أَنْ تَحْسِنُوا له العبادَةَ والتقوى .

وأمَّا الأقرب فهو التعميم ، أي : لأنَّ لفظ الآية عامٌّ ، انتهى .