فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

{ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ } هل ترد في الكلام على أربعة أوجه تكون بمعنى قد كقوله : { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } ؟ وبمعنى الاستفهام كقوله : { فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا } ؟ وبمعنى الأمر كقوله : { فهل أنتم منتهون } ؟ وبمعنى الجحد كقوله : { فهل على الرسل إلا البلاغ } ؛ وكما في هذه الآية ، والجملة مقررة لمضمون ما قبلها ، والمعنى ما جزاء من أحسن العمل في الدنيا إلا الإحسان إليه في الآخرة ، كذا قال ابن زيد وغيره ، وقال الصادق : هل جزاء من أحسنت إليه في الأزل إلا حفظ الإحسان عليه في الأبد ، قال الرازي : في هذه الآية وجوه كثيرة ، حتى قيل إن في القرآن ثلاث آيات في كل واحدة منها مائة قول ، إحداها قوله تعالى فاذكروني أذكركم ، وثانيها وإن عدتم عدنا ، وثالثها هل جزاء الإحسان إلا الإحسان .

قال محمد بن الحنفية هي للبر والفاجر ، البر في الآخرة ، والفاجر في الدنيا .

" عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية : ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة " أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وضعفه وأخرج البغوي في تفسيره وغيره في غيره عن أنس مرفوعا مثله ، وعن جابر مرفوعا في الآية قال : هل جزاء من أنعمنا عليه بالإسلام ، إلا أن أدخله الجنة وأخرج ابن النجار عن علي مرفوعا مثل حديث ابن عمر .

وقال ابن عباس : هل جزاء من قال لا إله إلا الله في الدنيا إلا الجنة في الآخرة " وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزل الله على هذه الآية في سورة الرحمن للكافر والمسلم ، { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } أخرجه ابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي والبيهقي ، وأخرجه ابن مردويه موقوفا على ابن عباس ، وقال إبراهيم الخواص في الآية : هل جزاء الإسلام إلا دار الإسلام ؟ وفي الآية إشارة إلى رفع التكليف في الآخرة لأن الله وعد المؤمن بالإحسان وهو الجنة ، فلو بقي التكليف في الآخرة وتركه العبد لاستحق العقاب على ترك العمل ، والعقاب ترك الإحسان إليه ، فلا تكليف .