تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

وقوله : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } : قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - يقول لقومه : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ } الذي كفرتم به ، { فَاسْمَعُونِ } أي : فاسمعوا قولي .

ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ } أي : الذي أرسلكم ، { فَاسْمَعُونِ } أي : فاشهدوا لي بذلك عنده . وقد حكاه ابن جرير فقال : وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسل ، وقال لهم : اسمعوا قولي ، لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي ، إني [ قد ]{[24714]} آمنت بربكم واتبعتكم . {[24715]}

وهذا [ القول ]{[24716]} الذي حكاه هؤلاء أظهر في المعنى ، والله أعلم .

قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - : فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه ، ولم يكن له أحد يمنع عنه .

وقال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : " اللهم اهد قومي ، فإنهم لا يعلمون " . فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك ، فقتلوه ، رحمه الله .


[24714]:- زيادة من ت.
[24715]:- تفسير الطبري (22/104).
[24716]:- زيادة من ت.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

وقوله : إنّي آمَنْتُ بِرَبّكُمْ فاسمَعُونِ فاختلف في معنى ذلك ، فقال بعضهم : قال هذا القول هذا المؤمنُ لقومه يعلمهم إيمانه بالله . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق فيما بلغه ، عن ابن عباس ، وعن كعب ، وعن وهب بن منبه إنّي آمَنْتُ بِرَبّكُمْ فاسمَعُونِ إني آمنت بربكم الذي كفرتم به ، فاسمعوا قولي .

وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسلَ ، وقال لهم : اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي ، وأني قد آمنت بكم واتبعتكم فذكر أنه لما قال هذا القول ، ونصح لقومه النصيحة التي ذكرها الله في كتابه وثبوا به فقتلوه .

ثم اختلف أهل التأويل في صفة قتلهم إياه ، فقال بعضهم : رَجَموه بالحجارة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما ليَ لا أعْبُدُ الذِي فَطَرَنِي وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ هذا رجل دعا قومه إلى الله ، وأبدى لهم النصيحة فقتلوه على ذلك . وذُكر لنا أنهم كانوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : اللّهم اهدِ قومي ، اللهمّ اهدِ قومي ، اللهمّ اهدِ قومي ، حتى أَقْعصُوه وهو كذلك .

وقال آخرون : بل وثبوا عليه ، فوطئوه بأقدامهم حتى مات . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق فيما بلغه ، عن ابن عباس ، وعن كعب ، وعن وهب بن منبه قال لهم : وَما ليَ لا أعْبُدُ الّذِي فَطَرَنِي . . . إلى قوله : فاسمَعُونِ وثبوا وثبة رجل واحد فقتلوه واستضعفوه لضعفه وسقمه ، ولم يكن أحد يدفع عنه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أصحابه أن عبد الله بن مسعود كان يقول : وطِئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبه من دُبُره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

ثم صدع رضي الله تعالى عنه بإيمانه وأعلن فقال { إني آمنت بربكم فاسمعون } واختلف المفسرون في قوله { فاسمعون } فقال ابن عباس وكعب ووهب : خاطب بها قومه .

قال القاضي أبو محمد : على جهة المبالغة والتنبيه ، وقيل خاطب بها الرسل على جهة الاشهاد بهم{[9787]} والاستحفاظ عندهم ، وقرأ الجمهور «فاسمعونِ » بكسر النون على نية الياء بعدها وروى أبو بكر عن عاصم «فاسمعونَ » بفتح النون قال أبو حاتم : هذا خطأ لا يجوز لأنه أمر ، فإما حذف النون وإما كسرها على نية الياء .

قال القاضي أبو محمد : وهنا محذوف تواترت به الأحاديث والروايات ، وهو أنهم قتلوه ، واختلف كيف ، فقال قتادة وغيره : رجموه بالحجارة ، وقال عبد الله بن مسعود ، مشوا عليه بأقدامهم حتى خرج قصبه{[9787]} من دبره .


[9787]:القُصب-بضم القاف وسكون الصاد- المِعى، والجمع: أقصاب.