تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ} (7)

يقول : حقا { إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } أي : إن مصيرهم ومأواهم لفي سجين - فعيل من السَّجن ، وهو الضيق - كما يقال : فسّيق وشرّيب وخمّير وسكّير ، ونحو ذلك .

ولهذا عظم أمره فقال : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } ؟

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَلاّ إِنّ كِتَابَ الْفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ * كِتَابٌ مّرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ * الّذِينَ يُكَذّبُونَ بِيَوْمِ الدّينِ } .

يقول تعالى ذكره : كلا ، أي ليس الأمر كما يظنّ هؤلاء الكفار ، أنهم غير مبعوثين ولا معذّبين ، إن كتابهم الذي كتب فيه أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا لَفِي سِجّينٍ وهي الأرض السابعة السفلى ، وهو «فعّيلٌ » من السّجن ، كما قيل : رجل سِكّير من السكر ، وفِسيق من الفسق .

وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : مثل الذي قلنا في ذلك . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن مغيث بن سميّ : إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ قال : في الأرض السابعة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن مغيث بن سميّ ، قال : إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينِ قال : الأرض السفلى ، قال : إبليس مُوثَق بالحديد والسلاسل في الأرض السفلى .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف ، قال : كنا جلوسا إلى كعب أنا وربيع بن خيثم وخالد بن عُرْعُرة ، ورهط من أصحابنا ، فأقبل ابن عباس ، فجلس إلى جنب كعب ، فقال : يا كعب ، أخبرني عن سجّين ، فقال كعب : أما سجّين : فإنها الأرض السابعة السفلى ، وفيها أرواح الكفار تحت حدّ إبليس .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ : ذُكر أن عبد الله بن عمرو كان يقول : هي الأرض السفلى ، فيها أرواح الكفار ، وأعمالهم أعمال السّوء .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فِي سِجّينٍ قال : في أسفل الأرض السابعة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ يقول : أعمالهم في كتاب في الأرض السفلى .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : فِي سِجّينٍ قال : عملهم في الأرض السابعة لا يصعد .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد ، قال : حدثنا مطرّف بن مازن : قاضي اليمن ، عن معمر ، عن قتادة قال : سِجّينٍ : الأرض السابعة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لَفِي سِجّينٍ يقول : في الأرض السفلى .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، قال : حدثنا قتادة ، في قوله : إنّ كِتابَ الفُجّار لَفِي سِجّينٍ قال : الأرض السابعة السفلى .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : كَلاّ إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ قال : يقال سجين : الأرض السافلة ، وسجين : بالسماء الدنيا .

وقال آخرون : بل ذلك حدّ إبليس . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب القُمّي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر ، قال : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار ، فقال له ابن عباس : حدّثني عن قول الله : إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ . . . الاَية ، قال كعب : إن روح الفاجر يُصْعد بها إلى السماء ، فتأبى السماء أن تقبلها ، ويُهبط بها إلى الأرض ، فتأبى الأرض أن تقبلها ، فتهبط فتدخل تحت سبع أرضين ، حتى ينتهي بها إلى سجين ، وهو حدّ إبليس ، فيخرج لها من سجين من تحت حدّ إبليس رَقّ ، فيرقم ويختم ، يوضع تحت حدّ إبليس بمعرفتها الهلاك إلى يوم القيامة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ قال : تحت حدّ إبليس .

وقال آخرون : هو جبّ في جهنم مفتوح ، ورووا في ذلك خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حدثنا به إسحاق بن وهب الواسطيّ ، قال : حدثنا مسعود بن موسى بن مسكان الواسطيّ ، قال : حدثنا نضر بن خُزيمة الواسطي ، عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القُرَظي ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قوله : قال : «الفَلَقُ جُبّ فِي جَهَنّمَ مُغَطّى ، وأمّا سِجّينٌ فَمَفْتُوحٌ » .

وقال بعض أهل العربية : ذكروا أن سجين : الصخرة التي تحت الأرض ، قال : ويُرَى أن سجين صفة من صفاتها ، لأنه لو كان لها اسما لم يجرّ ، قال : وإن قلت أجريته لأني ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجها .

وإنما اخترت القول الذي اخترت في معنى قوله : سِجّينٍ لما :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا الأعمش ، قال : حدثنا المنهال بن عمرو ، عن زاذان أبي عمرو ، عن البراء ، قال : سِجّينٍ : الأرض السفلى .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن زاذان ، عن البراء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «وذكر نفس الفاجر ، وأنّهُ يُصْعَدُ بها إلى السّماءِ ، قال : فَيَصْعَدُونَ بِها فَلا يَمُرّونَ بِها عَلى مَلإِ مِنَ المَلائِكَةِ إلاّ قالُوا : ما هَذَا الرّوحُ الخَبِيثُ ؟ قال : فَيَقُولُونَ فُلانٌ بأقْبَحِ أسمَائِهِ التي كانَ يُسَمّى بِها فِي الدنْيا حتى يَنْتَهُوا بِها إلى السّماءِ الدّنيْا ، فَيسْتَفْتِحُونَ لَهُ ، فَلا يُفْتَحُ لَهُ » ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تُفَتّحُ لَهُمْ أبْوَابُ السّماءِ ولاَ يَدْخُلُونَ الجّنَةَ حتى تَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمّ الخِياطِ فَيَقُولُ اللّهُ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي أسْفَلِ الأرْضِ فِي سِجّينٍ فِي الأرْضِ السّفْلَى » .

حدثنا نصر بن عليّ ، قال : حدثنا يحيى بن سليم ، قال : حدثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : كَلاّ إنّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجّينٍ قال : سجين : صخرة في الأرض السابعة ، فيجعل كتاب الفجار تحتها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ} (7)

كلا ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث والحساب إن كتاب الفجار ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم لفي سجين كتاب جامع لأعمال الفجرة من الثقلين كما قال .