مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ} (7)

قوله تعالى : { كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون } واعلم أنه سبحانه لما بين عظم هذا الذنب أتبعه بذكر لواحقه وأحكامه ( فأولها ) : قوله : { كلا } والمفسرون ذكروا فيه وجوها ( الأول ) : أنه ردع وتنبيه أي ليس الأمر على ما هم عليه من التطفيف والغفلة ، عن ذكر البعث والحساب فليرتدعوا ، وتمام الكلام ههنا ( الثاني ) : قال أبو حاتم : { كلا } ابتداء يتصل بما بعده على معنى حقا { إن كتاب الفجار لفي سجين } وهو قول الحسن .

النوع الثاني : أنه تعالى وصف كتاب الفجار بالخيبة والحقارة على سبيل الاستخفاف بهم ، وههنا سؤالات .

السؤال الأول : السجين اسم علم لشيء معين أو اسم مشتق عن معنى ؟ قلنا فيه قولان :

الأول : وهو قول جمهور المفسرين : أنه اسم علم على شيء معين ، ثم اختلفوا فيه ، فالأكثرون على أنه الأرض السابعة السفلى ، وهو قول ابن عباس في رواية عطاء وقتادة ومجاهد والضحاك وابن زيد ، وروى البراء أنه عليه السلام قال : " سجين أسفل سبع أرضين " قال عطاء الخراساني : وفيها إبليس وذريته ، وروى أبو هريرة أنه عليه السلام قال : " سجين جب في جهنم " وقال الكلبي ومجاهد : سجين صخرة تحت الأرض السابعة .

القول الثاني : أنه مشتق وسمي سجينا فعيلا من السجن ، وهو الحبس والتضييق كما يقال : فسيق من الفسق ، وهو قول أبي عبيدة والمبرد والزجاج ، قال الواحدي : وهذا ضعيف والدليل على أن سجينا ليس مما كانت العرب تعرفه