السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ} (7)

وقوله تعالى : { كلا } ردع ، أي : ليس الأمر على ما هم عليه فليرتدعوا ، وهاهنا تم الكلام . وقال الحسن : كلا ابتداء متصل بما بعده على معنى حقاً ، وجرى الجلال المحلي وأكثر المفسرين على الأوّل .

{ إنّ كتاب الفجار } أي : كتب أعمال الكفار وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف . واختلف في معنى قوله سبحانه وتعالى : { لفي سجين } فقيل : هو كتاب جامع ، وهو ديوان الشر دوّن الله تعالى فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والفسقة من الجنّ والإنس ، وقيل : هو مكان تحت الأرض السابعة وهو محل إبليس وجنوده . وقال عبد الله بن عمر : سجين في الأرض السابعة السفلى فيها أرواح الكفار .

وعن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سجين أسفل سبع أرضين وعليون في السماء السابعة تحت العرش » . وقال الكلبي : هو صخرة تحت الأرض السابعة خضراء خضرة السماوات منها يجعل كتاب الفجار فيها . وقال وهب : هي آخر سلطان إبليس . وعن كعب الأحبار : أنّ روح الفاجر يعني : الكافر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها ، ثم هبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين ، وهو موضع جند إبليس وذلك استهانة بها ، ويشهدها الشياطين المدحورون كما يشهد ديوان الخير الملائكة المقرّبون . وقال عكرمة : لفي سجين ، أي : في خسار وضلال .