الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ} (7)

- ثم قال تعالى : ( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين )

من جعل ( كلا ) وقفا ، كان تقديره : ليس الأمر كما يظن هؤلاء الكفار أنهم غير مبعوثين ، إن كتابهم الذي {[74343]} كتبت فيه أعمالهم في الدنيا لفي سجين {[74344]}

ومن لم يره وقفا ، جعل ( كلا ) بمعنى " ألا " ، افتتاح كلام {[74345]} .

و ( سجين ) : الأرض السفلى ، فيه {[74346]} أعمال الكفار وأرواحهم {[74347]} .

وروي أن إبليس موثق بالحديد والسلاسل في الأرض السفلى {[74348]} . ( وسأل ابن عباس كعبا عن ( سجين ) فقال/ هي الأرض السابعة السفلى ) {[74349]} ، فيها أرواح الكفار تحت خد إبليس {[74350]} .

وروي أنه قال ( له ) {[74351]} : إن أرواح الكفار يصعد بها إلى السماء ، فتأبى السماء أن تقبلها ، ثم يهبط بها إلى الأرض ، فتأبى الأرض أن تقبلها ، فيُهبط {[74352]} ، فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهى بها إلى سجين ، وهو خد إبليس ، فيخرج [ لها ] {[74353]} من سجين من تحت خذ إبليس [ رق ] {[74354]} فترتقم وتختم تحت خد إبليس {[74355]} .

وقال ابن جبير : ( لفي سجين ) : " تحت خد إبليس " {[74356]} .

وقال ابن أبي نجيح : ( سجين ) صخرة تحت الأرض السابعة ، تقلب [ فتجعل ] {[74357]} تحتها {[74358]} .

وقال ابن عباس : " أعمالهم في كتاب في الأرض السفلى " {[74359]} .

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الفلق جب في جهنم مغطى . وأما ( سجين ) فمفتوح " {[74360]} . يعني أنه جب مفتوح .

وقيل : ( سجين ) من السجل ، والنون مبدلة من اللام {[74361]} . وقال أبو عبيدة : ( لفي سجين ) : لفي حبس . وهو فعيل من السجن {[74362]} .

وقيل : ( سجين ) : هي الصخرة التي تحت الأرض السفلى وهو صفة ، وليس باسم الصخرة ، ولو كان اسما لها لم تنصرف {[74363]} .

وروى البراء {[74364]} بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد ( الكافر-أو ) {[74365]} الفاجر- إذا مات صعدوا بروحه إلى السماء ، فيقول الله –جل ذكره- : اكتبوا كتابه في سجين . وهي الأرض السفلى " {[74366]} .

وعن كعب ( أيضا ) {[74367]} أنه قال : في التوراة أن سجينا شجرة {[74368]} سوداء تحت الأرضين السبع ، مكتوب فيها اسم كل شيطان ، تلقى أنفس الكفار عندها {[74369]} .


[74343]:أ: التي.
[74344]:هو قول الطبري في جامع البيان 30/94 وقد استبعده مكي في كتابه "شرح كلا": 54.
[74345]:هو قول أبي حاتم في القطع: 768 وزاد المسير 9/54 واعتبره مكي في "شرح كلا": 55 حسناً جيداً.
[74346]:أ: فيها.
[74347]:انظر: جامع البيان 30/94.
[74348]:انظر: هذا المعنى عن مغيث بن سُمَيّ في جامع البيان 30/94.
[74349]:ساقط من أ.
[74350]:انظر: المصدر السابق.
[74351]:ساقط من أ.
[74352]:أ: فتهبط.
[74353]:م: بها.
[74354]:م: دقا، ساقط من أ.
[74355]:انظر: جامع البيان 30/95 وكتاب الزهد لابن المبارك والدر 8/443.
[74356]:جامع البيان 30/95.
[74357]:م، ث: تجعل.
[74358]:إنما وجدته في جامع البيان 30/96 من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد.
[74359]:انظر: المصدر السابق 30/95.
[74360]:الحديث أخرجه الطبري في جامع البيان 30/95-96. عن أبي هريرة. ورواه ابن كثير في تفسيره 4/517 نقلاً عن الطبري. ثم قال: "هذا حديث غريب منكر لا يصح". وذكره أيضاً في ص 613 من هذا الجزء ثم قال: "إسناده غريب ولا يصح رفعه" وانظر: الجامع الصغير 2/232.
[74361]:حكاه النحاس في إعرابه 5/176 وابن الأنباري في إعرابه 2/500 وقاله مكي في إعرابه 2/806 وحكاه ابن عطية في المحرر 16/253 عن قوم من اللغويين وانظر: تفسير القرطبي 19/258.
[74362]:انظر: مجاز أبي عبيدة 2/289 وزاد المسير 9/54. وحكى الماوردي في تفسيره: 4/420 عن الأخفش وعلي بن عيسى "أنه السِّجْنُ، وهو فِعِيلٌ من: سَجَنْتُهُ، وفيه مبالغة".
[74363]:أ: ينصرف. وهذا القول حكاه الطبري في جامع البيان 30/96 عن بعض أهل العربية.
[74364]:أ: البر. والذيييي في المتن هو أبو عمارة، البراء بن عازب، صحابي من الأنصار وأبوه صحابي، شهد أحداً وغيرها، وروى عنه الشعبي ومعاوية بن سويد انظر: الاستبصار: 249 وتهذيب الأسماء 1/132.
[74365]:ساقط من أ.
[74366]:أخرجه الطبري في جامع البيان 30/96 والنحاس في إعرابه 5/176 وهو عند مكي هنا باختصار.
[74367]:ساقط من أ.
[74368]:أ: صخرة. وكذا في تفسير القرطبي 19/257. وفي المحرر 16/252: "شجرة".
[74369]:انظر: المصدرين السابقين.