تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{أَفَأَصۡفَىٰكُمۡ رَبُّكُم بِٱلۡبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنَٰثًاۚ إِنَّكُمۡ لَتَقُولُونَ قَوۡلًا عَظِيمٗا} (40)

يقول تعالى رادًا على المشركين الكاذبين{[17515]} الزاعمين - عليهم لعائن الله - أن الملائكة بناتُ الله ، فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا ، ثم ادّعوا أنهم بنات الله ، ثم عبدوهم فأخطئوا في كل من المقامات الثلاث{[17516]} خطأ عظيمًا ، قال تعالى منكرًا عليهم : { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ } أي : خصصكم بالذكور { وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا } أي : اختار لنفسه على زعمكم البنات ؟ ثم شدد الإنكار عليهم فقال : { إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلا عَظِيمًا } أي : في زعمكم لله ولدًا ، ثم جعْلكم ولده الإناث التي تأنفون{[17517]} أن يَكُنّ لكم ، وربما قتلتموهُن بالوأد ، فتلك إذا قسْمة ضِيزَى . وقال [ الله ]{[17518]} تعالى : { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا* تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا* أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا* وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا* إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا* لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا* وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا } [ مريم : 88 - 95 ] .


[17515]:في ف: "المكذبين".
[17516]:في ت، ف: "الثلاث المقامات".
[17517]:في ت: "تألفون".
[17518]:زيادة من ف.