تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفَأَصۡفَىٰكُمۡ رَبُّكُم بِٱلۡبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنَٰثًاۚ إِنَّكُمۡ لَتَقُولُونَ قَوۡلًا عَظِيمٗا} (40)

الآية40 : وقوله تعالى : { أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا }يخبر عن سفه مشركي العرب أنهم نسبوا إلى الله البنات والبنين إلى أنفسهم بقوله : { و يجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون }( النحل : 57 )الذي حملهم على ذلك قول أهل الكتاب حين{[10893]} وصفوا الله بالوالد{[10894]} ، فرأوا أن ما يكون له الولد يكون له البنات ، فقال : { إنكم لتقولون قولا عظيما } لم يزد على هذا العظيم ما قالوا في الله ، فلم يضرب في لقولهم ذلك مثلا لما ليس وراء ذلك مثل يضرب ، لأنه ضرب مثل ما قالوا بالولد له بانفطار السماء وانشقاق الأرض وخرور الجبال حين{[10895]} قال : { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هذا }الآية( مريم : 90 )أخبر أن السماوات وما ذكر كادت تنقلب عن وجهها لعظم ما قالوا في الله من الولد .

وقال في الشريك : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء }( الحج : 31 ) فهذا غاية ما ذكر من الأمثال لمن قال له بالولد والشريك .

فليس وراء هذا ( مثل ){[10896]} يذكر لمن قال له بالبنات ، ولكن قال : { إنكم لتقولون قولا عظيما } لم يزد على ذلك لأن الذي قالوا له ، ونسبوا إليه نهاية في السفه والسرف في القول ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا .

أو يقول : { إنكم لتقولون قولا عظيما } في عقولكم لو تفكرتم ، وتدبرتم ، لعلمتم أن ما قلتم في الله عظيم .

قال أبو عوسجة : { فأصفاكم ربكم } أي أأعطاكم ربكم . يقال : أصفيته : أعطيته ، وأصفاكم أي اختاركم .


[10893]:في الأصل و.م : حيث.
[10894]:في الأصل و م : بالولد.
[10895]:في الأصل و م:حيث.
[10896]:ساقطة من الأصل و.م.