السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَفَأَصۡفَىٰكُمۡ رَبُّكُم بِٱلۡبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنَٰثًاۚ إِنَّكُمۡ لَتَقُولُونَ قَوۡلًا عَظِيمٗا} (40)

وقوله تعالى : { فأصفاكم ربكم بالبنين } خطاب للذين قالوا الملائكة بنات الله والهمزة للإنكار ، أي : أفخصكم ربكم على وجه الخلوص والصفاء بأفضل الأولاد وهم البنون ، ولم يجعل فيهم نصيباً لنفسه { واتخذ من الملائكة إناثاً } أي : بنات لنفسه وهذا خلاف ما عليه معقولكم وعادتكم ، فإنّ العبيد لا يستأثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشوائب ويكون أردؤها وأدونها للسادات { إنكم لتقولون قولاً عظيماً } بإضافة الأولاد إليه لأن إثبات الولد يقتضي كونه تعالى مركباً من الأبعاض والأجزاء وذلك يقدح في كونه قديماً واجب الوجود لذاته ، وأيضاً فبتقدير ثبوت الولد فقد جعلوا أشرف القسمين لأنفسهم وأخس القسمين لله تعالى وهذا جهل عظيم ، وأيضاً جعلوا الملائكة الذين هم من أشرف خلق الله الذين منهم من يقدر على حمل الأرض وقلب أسفلها على أعلاها إناثاً في غاية الرخاوة .