الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَفَأَصۡفَىٰكُمۡ رَبُّكُم بِٱلۡبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ إِنَٰثًاۚ إِنَّكُمۡ لَتَقُولُونَ قَوۡلًا عَظِيمٗا} (40)

قوله تعالى : { أَفَأَصْفَاكُمْ } ألفُ " أَصْفى " عن واوٍ ، لأنَّه من صفا يَصْفو ، وهو استفهامُ إنكارٍ وتوبيخٍ .

قوله : " واتَّخَذَ " يجوز أن يكونَ معطوفاً على " أَصْفاكم " فيكونَ داخلاً في حَيِّز الإِنكار ، ويجوز أن تكونَ الواوُ للحالِ ، و " قد " مقدرةٌ عند قومٍ . و " اتَّخذ " يجوز أَنْ تكونَ المتعديةَ لاثنين ، فقال أبو البقاء : " إنَّ ثانيَهما محذوفٌ ، أي : أولاداً ، والمفعولُ الأولُ هو " إناثاً " . وهذا ليس بشيءٍ ، بل المفعولُ الثاني هو { مِنَ الْمَلائِكَةِ } قُدِّم على الأولِ ، ولولا ذلك لَزِمَ أن يُبتدأ بالنكرةِ من غير مسوِّغ ، لأنَّ ما صَلُح أن يكونَ مبتدأً صَلُح أن يكونَ مفعولاً أول في هذا الباب ، وما لا فلا . ويجوز أن تكونَ متعدِّيةً لواحدٍ كقولِه : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً } [ البقرة : 116 ] ، و { مِنَ الْمَلائِكَةِ } متعلِّقٌ ب " اتَّخذ " أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ من النكرةِ بعده .