تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

يقول تعالى مخبرًا عن زكريا ، عليه السلام ، أنه { قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً } أي : علامة ودليلا على وجود ما وعدتني ، لتستقر نفسي ويطمئن قلبي بما وعدتني كما قال إبراهيم ، عليه السلام : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } الآية [ البقرة : 260 ] . { قَالَ آيَتُكَ } أي : علامتك { أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } أي : أن تحبس{[18694]} لسانك عن الكلام ثلاث ليال وأنت صحيح سوي من غير مرض ولا علة{[18695]}

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، ووهب [ بن منبه ]{[18696]} ، والسدي وقتادة وغير واحد : اعتقل لسانه من غير مرض .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان يقرأ ويسبح ولا يستطيع أن يكلم قومه إلا إشارة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } أي : متتابعات .

والقول الأول عنه وعن الجمهور أصح{[18697]} كما قال تعالى في [ أول ]{[18698]} آل عمران : { قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ } [ آل عمران : 41 ] وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : { ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } من غير خرس .


[18694]:في ف: "تحتبس".
[18695]:في أ: "وعلامة".
[18696]:زيادة من ت، ف، أ.
[18697]:في ف، أ: "واضح".
[18698]:زيادة من أ.