البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

{ قال } أي زكريا { رب اجعل لي آية } أي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به وطلب ذلك ليزداد يقيناً كما قال إبراهيم عليه السلام { ولكن ليطمئن قلبي } لا لتوقف منه على صدق ما وعد به ، ولا لتوهم أن ذلك من عند غير الله لعصمة الأنبياء عن مثل ذلك .

وقال الزجاج : وقعت البشارة مطلقة فلم يعرف الوقت فطلب الآية ليعرف وقت الوقوع .

{ قال آيتك } روي عن ابن زيد أنه لما حملت زوجته بيحيى أصبح لا يستطيع أن يكلم أحداً وهو مع ذلك يقرأ التوراة ويذكر الله ، فإذا أراد مناداة أحد لم يطقه .

و { سوياً } حال من ضمير أي { لا تكلم } في حال صحتك ليس بك خرس ولا علة قاله الجمهور وعن ابن عباس { سوياً } عائد على الليالي أي كاملات مستويات فتكون صفة لثلاث ، ودل ذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران على أن المنع من الكلام استمر له ثلاثة أيام بلياليهن .

وقرأ ابن أبي عبلة وزيد بن علي { أن لا تكلم } برفع الميم جعلها أن المخففة من الثقيلة التقدير أنه لا يكلم .

وقرأ الجمهور بنصبها جعلوا أن الناصبة للمضارع