فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

{ قال رب اجعل لي آية } أي علامة تدلني على وقوع المسئول و تحققه وتحصيل الحبل . والمقصود من هذا السؤال تعريفه وقت العلوق حيث كانت البشارة مطلقة عن تعيينه قال ابن الأنباري : وجه ذلك أن نفسه تاقت إلى سرعة الأمر فسأل الله آية يستدل بها على قرب ما منّ به عليه ، وقيل : طلب آية تدله على أن البشرى من الله سبحانه لا من الشياطين ، لأن إبليس أوهمه بذلك ، كذا قال الضحاك والسدي وهو بعيد جدا .

{ قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا } نصب على الحال أي آيتك أن لا تقدر على الكلام ، والحال أنك سوي الخلق صحيح سليم من غير بأس ليس بك آفة تمنعك منه ، والمراد ثلاث ليال بأيامها ، كما في آل عمران ثلاثة أيام وإنما عبر هنا بالليالي ، وهناك بالأيام ، لأن هذه السورة مكية ، والمكي سابق على المدني ، والليل سابق على النهار ، فأعطى السابق للسابق ؛ وأعطى المؤخر للمؤخر ، وقيل : ثلاث ليال متتابعات ، والأول أولى ، قال ابن عباس : اعتقل لسانه من غير مرض ، وفي لفظ من غير خرس .