الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّيٓ ءَايَةٗۖ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا} (10)

قوله تعالى ذكره : { قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس }[ 9 ] . إلى قوله : { ويوم يبعث حيا }[ 14 ] .

أي : اجعل لي علامة على وقت الهبة ، ودليلا على أن{[43883]} ما بشرتني به ملائكتك من هذا الغلام{[43884]} عن أمرك ورسالتك ، ومتى يكون{[43885]} .

قال ابن زيد : ( اجعل لي آية أن هذا منك ) ، وكذا{[43886]} قال السدي{[43887]} .

{ قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا }[ 9 ] .

أي : علامة ذلك وصحته أنك لا تكلم الناس ثلاث ليال ، بلا علة بك من خرس ولا مرض يمنعك الكلام{[43888]} .

قال ابن عباس : ( اعتقل{[43889]} لسانه من غير مرض ){[43890]} .

وقال مجاهد : ( سويا ) : صحيحا لا يمنعك من الكلام مرض ){[43891]} .

وقال قتادة : ( سويا ) : من غير خرس ولا بأس ، إنما عوقب إذ{[43892]} سأل آية بعد مشافهته{[43893]} الملائكة بذلك ، أخذ لسانه حتى كان{[43894]} يوميء إيماء ){[43895]} .

قال ابن زيد{[43896]} : ( حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم{[43897]} أحدا ، وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة ، فإذا أراد كلام الناس ، لم يستطع [ أن ]{[43898]} يكلمهم . وكذلك قال السدي{[43899]} . وقيل{[43900]} : المعنى ، ثلاث ليال متتابعات .

فسويا من نعت الليالي . وعلى القول الأول يكون ( سويا ) حالا من المخاطب . والتقدير فيه التقديم{[43901]} . أي : آيتك ألا تكلم الناس سويا ثلاث ليال{[43902]} .


[43883]:(إن) سقط من (ز).
[43884]:(ز): على.
[43885]:(ز): تكون.
[43886]:(ز): كذلك.
[43887]:انظر جامع البيان 16/52.
[43888]:(ز): من الكلام.
[43889]:اعتقل، أي: حبس، انظر: اللسان (عقل).
[43890]:انظر: جامع البيان 16/52 وتفسير ابن كثير 3/112 الدر المنثور 4/260.
[43891]:انظر: جامع البيان 16/52 والدر المنثور 4/260.
[43892]:(ز): إذا.
[43893]:(ز): بعد ما شافهته.
[43894]:(ز): كاد.
[43895]:انظر: جامع البيان 16/52.
[43896]:هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب (ت 180 هـ)، له ترجمة في طبقات ابن خياط 275 وتهذيب التهذيب 6/177.
[43897]:(ز): يتكلم.
[43898]:زيادة يقتضيها السياق.
[43899]:انظر: جامع البيان 16/52 وتفسير ابن كثير 3/112.
[43900]:القول لابن عباس في جامع البيان 16/53.
[43901]:(ز): التقديم والتأخير.
[43902]:انظر: معاني الأخفش 2/401 ومعاني الزجاج 3/321.