تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن يَعُودُواْ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (38)

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا } أي : عما هم فيه من الكفر والمشاقة والعناد ويدخلوا في الإسلام والطاعة والإنابة ، يغفر لهم ما قد سَلَف ، أي : من كفرهم ، وذنوبهم وخطاياهم ، كما جاء في الصحيح ، من حديث أبي وائل عن ابن مسعود ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أحْسَن في الإسلام ، لم يُؤاخَذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام ، أخذ بالأول والآخر " {[12933]}

وفي الصحيح أيضًا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الإسلام يَجُبُّ ما قبله{[12934]} والتوبة تجب ما كان قبلها " .

وقوله : { وَإِنْ يَعُودُوا } أي : يستمروا على ما هم فيه ، { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ } أي : فقد مضت سنتنا في الأولين أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم ، أنا نعاجلهم بالعذاب والعقوبة .

وقوله : { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ } أي : في قريش يوم بدر وغيرها من الأمم . وقال السدي ومحمد بن إسحاق : أي : يوم بدر .


[12933]:صحيح البخاري برقم (6921) وصحيح مسلم برقم (120).
[12934]:في ك، م: "ما كان قبله".