لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنَا۠ لَكُمۡ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (68)

{ أبلغكم رسالات ربي } يعني أودي إليكم ما أرسلني به من أوامره ونواهيه وشرائعه وتكاليفه { وأنا لكم ناصح } يعني فيما آمركم به من عبادة الله عز وجل وترك عبادة ما سواه { أمين } يعني على تبليغ الرسالة وأداء النصح والأمين الثقة على ما ائتمن عليه . حكى الله عن نوح عليه الصلاة والسلام ، أنه قال وأنصح لكم وحكى عن هود عليه الصلاة والسلام أنه قال : وأنا لكم ناصح فالأول بصيغة الفعل والثاني بصيغة اسم الفاعل والفرق بينهما أن صيغة الفعل تدل على تجدد النصح ساعة بعد ساعة فكان نوح يدعو قومه ليلاً ونهاراً كما أخبر الله عنه بقوله قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً فلما كان ذلك من عادته ذكره بصيغة الفعل فقال : وأنصح لكم وأما هود فلم يكن كذلك بل كان يدعوهم وقتاً دون وقت فلهذا قال : وأنا لكم ناصح أمين والمدح للنفس بأعظم صفات المدح غير لائق بالعقلاء وإنما فعل هود ذلك وقال هذا القول لأنه كان يجب عليه إعلام قومه بذلك ومقصوده الرد عليهم في قولهم وأنا لنظنك من الكاذبين فوصف نفسه بالأمانة وأنه أمين في تبليغ ما أرسل به من عند الله ففيه تقرير للرسالة والنبوة وفيه دليل على جواز مدح الإنسان نفسه في موضع الضرورة إلى مدحها .