فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنَا۠ لَكُمۡ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (68)

{ أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح } فيما آمركم به من عبادة الله وترك عبادة ما سواه { أمين } هو المعروف بالأمانة والثقة على ما ائتمن عليه وفيه دليل على جواز مدح الإنسان نفسه في موضع الضرورة إلى مدحها ، وفي إجابة الأنبياء من ينسبهم إلى السفاهة والضلال بما أجابوه به من الكلام الصادر عن الحلم والإغضاء وترك المقابلة بما قالوا لهم مع علمهم بأن خصومهم أضل الناس وأسفههم ، أدب حسن وخلق عظيم وتعليم من الله لعباده كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم ويسبلون أذيال حلمهم على ما يكون منهم . ونحوه قوله تعالى { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما } .

وأتى هود بالجملة الاسمية ونوح بالفعلية حيث قال : وأنصح لكم وذلك لأن صيغة الفعل تدل على تجدده ساعة بعد ساعة وكان نوح يكرر في دعائهم ليلا ونهارا من غير تراخ . فناسب التعبير بالفعل وأما هود فلم يكن كذلك بل كان يدعوهم وقتا دون وقت ، فلهذا عبر بالاسمية .