غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنَا۠ لَكُمۡ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (68)

59

ومنها قول نوح { وأنصح لكم } وقال هود { وأنا لكم ناصح } وذلك لأنه كان من عادة نوح عليه السلام العود إلى تجديد تلك الدعوة في كل يوم وفي كل ساعة ، وصيغة الفعل دلت على التجدد المستمر ولهذا { قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً } [ نوح : 5 ] إلى آخر الآيات . وأما هود فكان ثابتاً على النصح غير مجدد إياه لحظة فلحظة كما كان يفعل نوح . ثم إن نوحاً عليه السلام قال { وأعلم من الله ما لا تعلمون } لأنه كان يعلم من أسرار الله تعالى ما لم يصل إليه هود فلا جرم أمسك هود لسانه واقتصر على وصف نفسه بكونه أميناً ثقة أي عرفت فيما بينكم بالنصح والأمانة فليس من حقي أن آتي بالكذب والغش . أو المراد تقرير الرسالة فإنها تدور على الأمانة أي أنا لكم ناصح فيما أدعوكم إليه ، أمين على ما أقول لكم لا أكذب فيه . وفي هذين الجوابين عن مثل ذينك الشخصين مع جلالة قدرهما دليل على أن الحكيم يجب أن لا يقابل السفهاء إلا بالكلام المبني على الحلم والإغضاء .