صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

{ كلا } ردع للمجرم عن هذه الودادة . وتبئيس له من الإنجاء .

{ إنها لظى } أي عن النار لظى ؛ وهي اسم من أسمائها . أو اسم لطبق من أطباقها . واللظى : اللهب الخالص . { نزاعة للشوى } قلاعة لجلدة الرأس وأطراف البدن ؛ كاليد والرجل . ثم تعود كما كانت ، وهكذا أبدا . جمع شواة ، وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا . يقال : رمى فأشوى ، إذا لم يصب مقتلا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول الله تعالى: {كلا} لا ينجيه ذلك لو افتدى بهذا كله.

ثم استأنف فقال: {إنها لظى} يعني بلظى استطالتها وقدرتها عليهم، يعنى النار.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

كلا ليس ذلك كذلك، ليس ينجيه من عذاب الله شيء. ثم ابتدأ الخبر عما أعدّه له هنالك جلّ ثناؤه، فقال:"إنّها لَظَى"، ولظى: اسم من أسماء جهنم.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

سميت بذلك لأنها التي تتلظى، وهو اشتداد حرها.

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

سميت بذلك لأنها تتلظى، أي: تتلهب.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{كَلاَّ} ردّع للمجرم عن الودادة، وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب، ثم قال: {إِنَّهَا} والضمير للنار، ولم يجر لها ذكر؛ لأنّ ذكر العذاب دل عليها... و {لظى} علم للنار، منقول من اللظى: بمعنى اللهب. ويجوز أن يراد اللهب.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقوله تعالى: {كلا إنها لظى} رد لقولهم وما وُّدوه أي ليس الأمر كذلك، ثم ابتدأ الإخبار عن {لظى} وهي طبقة من طبقات جهنم، وفي هذا اللفظ تعظيم لأمرها وهولها.

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

{إِنَّهَا لَظَى} معناها في اللغة: اللهب الخالص.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان هذا مما قد يطمع في النجاة، فإن بعض الناس يطبع على قلبه فيستغويه الأطماع حتى يعد المحال ممكناً، قال معبراً بمجمع الروادع والزواجر الصوادع: {كلا} أي ليكن للمجرم ردع أيّ ردع عن وداده هذا وترتب أثره عليه، فإن ذلك لا يكون أبداً بوجه من الوجوه. ولما كان الإضمار قبل الذكر لتعظيم ذلك المضمر في المهيع الذي هو فيه، لأن ذلك إشارة إلى أنه مستحضر في الذهن لا يغيب أصلاً لما للمقام عليه من عظيم الدلالة، قال بعد هذا الردع العظيم عن النجاة بل عن ودادة تمنيها: {إنها} أي النار التي هي سوط الملك المعد لمن عصاه، المهدد في هذا السياق بعذابها، المستولية عليه لتكون سجنه: {لظى} أي ذات اللهب الخالص المتناهي في الحر يتلظى أي يتوقد فيأكل بسببه بعضها بعضاً إن لم تجد ما تأكله وتأكل ما وجدته كائناً ما كان.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وبينما المجرم في هذه الحال، يتمنى ذلك المحال، يسمع ما ييئس ويقنط من كل بارقة من أمل، أو كل حديث خادع من النفس. كما يسمع الملأ جميعا حقيقة الموقف وما يجري فيه: كلا! إنها لظى. نزاعة للشوى. تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى.. إنه مشهد تطير له النفس شعاعا، بعد ما أذهلها كرب الموقف وهوله.. (كلا!) في ردع عن تلك الأماني المستحيلة في الافتداء بالبنين والزوج والأخ والعشيرة ومن في الأرض جميعا.. (كلا! إنها لظى) نار تتلظى وتتحرق (نزاعة للشوى) تنزع الجلود عن الوجوه والرؤوس نزعا.. وهي غول مفزعة. ذات نفس حية تشارك في الهول والعذاب عن إرادة وقصد: تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى.. تدعوه كما كان يدعى من قبل إلى الهدى فيدبر ويتولى. ولكنه اليوم إذ تدعوه جهنم لا يملك أن يدبر ويتولى! ولقد كان من قبل مشغولا عن الدعوة بجمع المال وحفظه في الأوعية! فأما اليوم فالدعوة من جهنم لا يملك أن يلهو عنها. ولا يملك أن يفتدي بما في الأرض كله منها! والتوكيد في هذه السورة والسورة السابقة قبلها وفي سورة القلم كذلك على منع الخير، وعدم الحض على طعام المسكين، وجمع المال في الأوعية إلى جانب الكفر والتكذيب والمعصية.. هذا التوكيد يدل على أن الدعوة كانت تواجه في مكة حالات خاصة يجتمع فيها البخل والحرص والجشع إلى الكفر والتكذيب والضلالة. مما اقتضى تكرار الإشارة إلى هذا الأمر، والتخويف من عاقبته، بوصفه من موجبات العذاب بعد الكفر والشرك بالله. وفي هذه السورة إشارات أخرى تفيد هذا المعنى، وتؤكد ملامح البيئة المكية التي كانت تواجهها الدعوة. فقد كانت بيئة مشغولة بجمع المال من التجارة ومن الربا. وكان كبراء قريش هم أصحاب هذه المتاجر، وأصحاب القوافل في رحلتي الشتاء والصيف. وكان هنالك تكالب على الثراء، وشح النفوس يجعل الفقراء محرومون، واليتامى مضيعين. ومن ثم تكرر الأمر في هذا الشأن وتكرر التحذير. وظل القرآن يعالج هذا الجشع وهذا الحرص؛ ويخوض هذه المعركة مع الجشع والحرص في أغوار النفس ودروبها قبل الفتح وبعده على السواء. مما هو ظاهر لمن يتتبع التحذير من الربا، ومن أكل أموال الناس بالباطل، ومن أكل أموال اليتامى إسرافا وبدارا أن يكبروا! ومن الجور على اليتيمات واحتجازهن للزواج الجائر رغبة في أموالهن! ومن نهر السائل، وقهر اليتيم، ومن حرمان المساكين... إلى آخر هذه الحملات المتتابعة العنيفة الدالة على الكثير من ملامح البيئة. فضلا على أنها توجيهات دائمة لعلاج النفس الإنسانية في كل بيئة. وحب المال، والحرص عليه، وشح النفس به، والرغبة في احتجانه، آفة تساور النفوس مساورة عنيفة، وتحتاج للانطلاق من إسارها والتخلص من أوهاقها، والتحرر من ربقتها، إلى معارك متلاحقة، وإلى علاج طويل!

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

قوله تعالى : " كلا " تقدم القول في " كلا " وأنها تكون بمعنى حقا ، وبمعنى{[15351]} لا . وهي هنا تحتمل الأمرين ، فإذا كانت بمعنى حقا كان تمام الكلام " ينجيه " . وإذا كانت بمعنى لا كان تمام الكلام عليها ، أي ليس ينجيه من عذاب الله الافتداء ، ثم قال : " إنها لظى " أي هي جهنم ، أي تتلظى نيرانها ، كقوله تعالى : " فأنذرتكم نارا تلظى{[15352]} " [ الليل : 14 ] واشتقاق لظى من التلظي . والتِظَاءُ النار التهابها ، وتلظيها تلهبها . وقيل : كان أصلها " لظظ " أي ما دامت لدوام عذابها ، فقلبت إحدى الظاءين ألفا فبقيت لظى . وقيل : هي الدركة الثانية من طبقات جهنم . وهي اسم مؤنث معرفة فلا ينصرف .


[15351]:راجع جـ 11 ص 147.
[15352]:راجع جـ 20 ص 86.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

ولما كان هذا مما{[68333]} قد يطمع في النجاة ، فإن بعض الناس يطبع على قلبه فيستغويه{[68334]} الأطماع حتى يعد المحال ممكناً ، قال معبراً بمجمع الروادع والزواجر{[68335]} الصوادع : { كلا } أي ليكن للمجرم ردع أيّ ردع عن وداده{[68336]} هذا وترتب أثره عليه ، فإن ذلك لا يكون أبداً بوجه من الوجوه .

ولما كان الإضمار قبل الذكر لتعظيم ذلك المضمر في المهيع الذي هو فيه ، لأن ذلك إشارة إلى أنه مستحضر في{[68337]} الذهن لا يغيب أصلاً لما للمقام عليه من عظيم الدلالة ، قال بعد هذا الردع العظيم عن النجاة بل{[68338]} عن ودادة تمنيها : { إنها } أي النار التي هي سوط{[68339]} الملك المعد لمن{[68340]} عصاه ، المهدد في هذا السياق بعذابها ، المستولية عليه لتكون سجنه : { لظى * } أي ذات اللهب الخالص المتناهي في الحر{[68341]} يتلظى أي يتوقد فيأكل بسببه بعضها بعضاً إن لم تجد ما تأكله وتأكل ما وجدته كائناً ما كان


[68333]:- من ظ وم، وفي الأصل: حتى يستهويه.
[68334]:- من ظ وم، وفي الأصل: المحيطة.
[68335]:- زيدت الواو في الأصل وم ولم تكن في م فحذفناها.
[68336]:-زيد في الأصل: بعد، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68337]:زيد في الأصل: عظم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68338]:- من ظ وم، وفي الأصل: بعد.
[68339]:- من ظ وم، وفي الأصل: سول.
[68340]:- زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ وم فحذفناها.
[68341]:- من ظ وم، وفي الأصل: الحرب.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ} (15)

قوله : { كلا إنها لظى } كلا ، ردع للمجرم عن تمنيه الافتداء ، فإن ذلك لا ينفعه ولا ينجيه من العذاب . ثم أخبر عما أعد له من العذاب فقال : { إنها لظى } ولظى ، اسم من أسماء جهنم ، وهو معرف لا ينصرف . والتظاء النار أي التهابها ، وتلظيها أي تلهّبها{[4629]} .


[4629]:مختار الصحاح ص 599.