صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

{ للكافرين } أي عليهم{ ليس له دافع } يدفعه عنهم

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فقال الله عز وجل: هذا العذاب الذي سأل النضر بن الحارث في الدنيا هو

{للكافرين} في الآخرة {ليس له دافع}... {من الله} يقول: لا يدفع عنهم أحد حين يقع بهم العذاب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله دافع يدفعه عنهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والمعنى: اندفع عليهم وادي عذاب فذهب بهم وأهلكهم.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{وَاقِعٍ لِلْكَافِرينَ} أي: مُرصد مُعَدّ للكافرين. وقال ابن عباس: {وَاقِعٍ} جاء {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} أي: لا دافع له إذا أراد الله كونه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

وعبر باللام تهكماً منهم مثل {فبشرهم بعذاب} فقال: {للكافرين} أي الراسخين في هذا الوصف بمعنى: إن كان لهم في الآخرة شيء فهو العذاب، وقراءة نافع وابن عامر بتخفيف الهمزة أكثر تعجيباً أي اندفع فمه بالكلام وتحركت به شفتاه.

ولما أخبر بتحتم وقوعه علله بقوله: {ليس له} أي بوجه من الوجوه ولا حيلة من الحيل {دافع}.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والتقدير: هو للكافرين. واللام لشبه الملك، أي عذاب من خصائصهم كما قال تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [البقرة: 24]. ووصف العذاب بأنه واقع، وما بعده من أوصافه إلى قوله: {إنهم يرونه بعيداً} [المعارج: 6] إدماج معترض ليفيد تعجيل الإِجابة عما سأل عنه سائل بكلا معنيي السؤال لأن السؤال لم يحك فيه عذاب معين وإنما كان مُجْملاً لأن السائل سأل عن عذاب غير موصوف، أو الداعي دعا بعذاب غير موصوف، فحكي السؤال مجملاً ليرتب عليه وصفه بهذه الأوصاف والتعلقات، فينتقل إلى ذكر أحوال هذا العذاب وما يحفّ به من الأهوال.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

{ للكافرين } على الكافرين وهو النضر بن الحارث حين قال { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك } الآية { ليس له دافع } ليس لذلك العذاب الذي يقع بهم دافع

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

قوله تعالى : " سأل سائل بعذاب واقع " قرأ نافع وابن عامر " سال سايل " بغير همزة . الباقون بالهمز . فمن همز فهو من السؤال . والباء يجوز أن تكون زائدة ، ويجوز أن تكون بمعنى عن . والسؤال بمعنى الدعاء ، أي دعا داع بعذاب ، عن ابن عباس وغيره . يقال : دعا على فلان بالويل ، ودعا عليه بالعذاب . ويقال : دعوت زيدا ، أي التمست إحضاره . أي التمس ملتمس عذابا للكافرين ، وهو واقع بهم لا محالة يوم القيامة . وعلى هذا فالباء زائدة ، كقوله تعالى : " تنبت بالدهن{[15328]} " [ المؤمنون : 20 ] ، وقوله . " وهزي إليك بجذع النخلة{[15329]} " [ مريم : 25 ] فهي تأكيد . أي سأل سائل عذابا واقعا . " للكافرين " أي على الكافرين . وهو النضر بن الحارث حيث قال : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم{[15330]} " [ الأنفال : 32 ] فنزل سؤاله ، وقتل يوم بدر صبرا{[15331]} هو وعقبة بن أبي معيط ، لم يقتل صبرا غيرهما ، قاله ابن عباس ومجاهد . وقيل : إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري . وذلك أنه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم في علي رضي الله عنه : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال : يا محمد ، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك ، وأن نصلي خمسا فقبلناه منك ، ونزكي أموالنا فقبلناه منك ، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك ، وأن نحج فقبلناه منك ، ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا ! أفهذا شيء منك أم من الله ؟ ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله الذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله ) فولّى الحارث وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله ؛ فنزلت : " سأل سائل بعذاب واقع " الآية . وقيل : إن السائل هنا أبو جهل وهو القائل لذلك ، قاله الربيع . وقيل : إنه قول جماعة من كفار قريش . وقيل : هو نوح عليه السلام سأل العذاب على الكافرين . وقيل : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أي دعا عليه السلام بالعقاب وطلب أن يوقعه الله بالكفار ، وهو واقع بهم لا محالة . وامتد الكلام إلى قوله تعالى : " فاصبر صبرا جميلا " [ المعارج : 5 ] أي لا تستعجل فإنه قريب . وإذا كانت الباء بمعنى عن - وهو قول قتادة - فكأن سائلا سأل عن العذاب بمن يقع أو متى يقع . قال الله تعالى : " فاسأل به خبيرا{[15332]} " [ الفرقان : 59 ] أي سل عنه . وقال علقمة :

فإن تسألوني بالنِّسَاء فإنني *** بصيرٌ بأدواءِ النساءِ طبيبُ

أي عن النساء . ويقال : خرجنا نسأل عن فلان وبفلان . فالمعنى سألوا بمن يقع العذاب ولمن يكون .

فقال الله : " للكافرين " . قال أبو علي وغيره : وإذا كان من السؤال فأصله أن يتعدى إلى مفعولين ويجوز الاقتصار على أحدهما . وإذا اقتصر على أحدهما جاز أن يتعدى إليه بحرف جر ، فيكون التقدير سأل سائل النبي صلى الله عليه وسلم أو المسلمين بعذاب أو عن عذاب . ومن قرأ بغير همز فله وجهان : أحدهما : أنه لغة في السؤال وهي لغة قريش ، تقول العرب : سال يسال ، مثل نال ينال وخاف يخاف . والثاني : أن يكون من السيلان ، ويؤيده قراءة ابن عباس " سال سيل " . قال عبدالرحمن بن زيد : سال واد من أودية جهنم ، يقال له : سائل ؛ وقول زيد بن ثابت . قال الثعلبي : والأول أحسن ، كقول الأعشى{[15333]} في تخفيف الهمزة :

سالتاني الطلاق إذ رأتاني *** قلّ مالي قد جئتماني بنكر

وفي الصحاح : قال الأخفش : يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان . وقد تخفف همزته فيقال : سال يسال . وقال :

ومُرْهِقٍ سال إمتاعا بِأُصْدَته *** لم يستَعِن وحَوَامِي الموتِ تَغْشَاهُ{[15334]}

المرهق : الذي أدرك ليقتل . والأُصدة بالضم : قميص صغير يلبس تحت الثوب . المهدوي : من قرأ " سال " جاز أن يكون خفف الهمزة بإبدالها ألفا ، وهو البدل على غير قياس . وجاز أن تكون الألف منقلبة عن واو على لغة من قال : سلت أسال ، كخفت أخاف . النحاس : حكى سيبويه سلت أسال ، مثل خفت أخاف ، بمعنى سألت . وأنشد :

سالت هذيلٌ رسول الله فاحشة *** ضلت هذيل بما سالت ولم تُصِبِ{[15335]}

ويقال : هما يتساولان . المهدوي : وجاز أن تكون مبدلة من ياء ، من سال يسيل . ويكون سايل واديا في جهنم ، فهمزة سايل على القول الأول أصلية ، وعلى الثاني بدل من واو ، وعلى الثالث بدل من ياء . القشيري : وسائل مهموز ؛ لأنه إن كان من سأل بالهمز فهو مهموز ، وإن كان من غير الهمز كان مهموزا أيضا ؛ نحو قائل وخائف ؛ لأن العين اعتل في الفعل واعتل في اسم الفاعل أيضا . ولم يكن الاعتلال بالحذف لخوف الالتباس ، فكان بالقلب إلى الهمزة ، ولك تخفيف الهمزة حتى تكون بين بين . " واقع " أي يقع بالكفار بين أنه من الله ذي المعارج . وقال الحسن : أنزل الله تعالى : " سأل سائل بعذاب واقع " فقال لمن هو ؟ فقال للكافرين ، فاللام في الكافرين متعلقة " بواقع " . وقال الفراء : التقدير بعذاب للكافرين واقع ، فالواقع من نعت العذاب واللام دخلت للعذاب لا للواقع ، أي هذا العذاب للكافرين في الآخرة لا يدفعه عنهم أحد . وقيل إن اللام بمعنى على ، والمعنى : واقع على الكافرين . وروي أنها في قراءة أبي كذلك . وقيل : بمعنى عن ، أي ليس له دافع عن الكافرين من الله .


[15328]:راجع جـ 12 ص 114.
[15329]:راجع جـ 11 ص 94.
[15330]:راجع جـ 81 ص 398.
[15331]:الصبر: نصب الإنسان للقتل.
[15332]:راجع جـ 13 ص 63.

[15333]:لم نجد البيت في شعر الأعشين. وفي كتاب سيبويه (جـ 1 ص 291، جـ 2 ص 170) أنه لزيد بن عمرو ابن نفيل القرشي. وعلق عليه الأعلم الشنتمري أنه يروي لنبيه بن الحجاج.
[15334]:لم يستعن، أي لم يحلق عانته. وحوامي الموت وحوائمه: أسبابه. قال ابن بري: أنشده أبو علي الباهلي غيث بن عبد الكريم لبعض العرب يصف رجلا شريفا، ارْتُثَّ في بعض المعارك فسألهم أن يمنعوه بقميصه، أي لا يسلب.
[15335]:البيت لحسان بن ثابت.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

وعبر باللام تهكماً منهم مثل { فبشرهم بعذاب } فقال : { للكافرين } أي الراسخين في هذا الوصف بمعنى : إن كان لهم{[68265]} في الآخرة شيء فهو العذاب ، وقراءة نافع وابن عامر بتخفيف الهمزة أكثر{[68266]} تعجيباً أي اندفع فمه بالكلام{[68267]} وتحركت به شفتاه لأنه مع كونه يقال : سال يسأل مثل خاف يخاف لغة في المهموز يحتمل أن يكون من سأل يسأل ، قال البغوي{[68268]} : وذلك أن أهل مكة لما خوفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب قالوا : من أهل هذا العذاب ولمن هو{[68269]} ؟ سلوا عنه ، فأنزلت .

ولما أخبر بتحتم وقوعه علله بقوله : { ليس له } أي بوجه من الوجوه ولا حيلة من الحيل { دافع * } مبتدىء { من الله }


[68265]:- زيد من ظ وم.
[68266]:- زيد من م.
[68267]:- زيد من ظ وم.
[68268]:- في معالم التنزيل بهامش لباب التأويل 7/ 123.
[68269]:- زيد من ظ وم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

قوله : { للكافرين ليس له دافع } لا يقدر أحد أن يدفع هذا العذاب الواقع .