فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

{ للكافرين } فتكون الباء زائدة كقوله { تنبت بالدهن } ، والوجه الأول هو الظاهر . قال الأخفش يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان قال أبو علي الفارسي وإذا كان من السؤال فأصله أن يتعدى إلى مفعولين ويجوز الاقتصار على أحدهما ويتعدى إليه بحرف الجر فيكون التقدير سأل سائل الله أو النبي صلى الله عليه وسلم أو المسلمين بعذاب أو عن عذاب ، وهذا السائل هو النضر بن الحرث حين قال : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } وهو ممن قتل يوم بدر صبرا ، وعن ابن عباس مثله ( {[1629]} ) .

وقال الربيع هو أبو جهل . وقيل هو الحرث بن النعمان الفهري ، وقيل إنها نزلت في جماعة من كفار قريش والأول أولى ، وقراء سال سال مثل مال مال على أن الأحل سائل فحذفت العين تخفيفا كما قيل شاك في شائك السلاح .

وقيل السائل هو نوح عليه السلام سأل العذاب للكافرين وقيل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بالعقاب عليهم ، والمراد بالعذاب الواقع إما في الدنيا كيوم بدر أو في الآخرة وهو عذاب النار .

وقوله { للكافرين } صفة أخرى لعذاب أي كائن لهم أو متعلق بواقع ، واللام للعلة أو يسأل على تضمينه معنى دعا أو في محل رفع على تقدير هو للكافرين أو اللام بمعنى على ، ويؤيده قراءة أبيّ على الكافرين ، قال الفراء التقدير بعذاب للكافرين واقع بهم ، فالواقع من نعت العذاب ، وجملة { ليس له دافع } صفة أخرى لعذاب أو حال منه أو مستأنفة ، والمعنى أنه لا يدفع ذلك العذاب الواقع به أحد .


[1629]:رواه الحاكم في "المستدرك" 2/502 عن سعيد بن جبير وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي فقال: على شرط البخاري فقط، وأورد السيوطي في "الدر" 6/263 وزاد نسبته للفريابي، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما.