ولما كان هذا دأب هؤلاء المذكورين{[899]} أنهم لا غرض لهم في اتباع الحق ، وإنما غرضهم ومقصودهم ، ما تهواه نفوسهم ، أمر الله رسوله بالإعراض عمن تولى عن ذكره ، الذي هو الذكر الحكيم ، والقرآن العظيم ، والنبأ الكريم ، فأعرض عن العلوم النافعة ، ولم يرد إلا الحياة الدنيا ، فهذا منتهى إرادته ، ومن المعلوم أن العبد لا يعمل إلا للشيء الذي يريده ،
فسعيهم مقصور على الدنيا ولذاتها وشهواتها ، كيف حصلت حصلوها ، وبأي : طريق سنحت ابتدروها .
ولما كانوا بعد مجيء الهدى قد أصبروا على الهوى ، وكانت هذه السورة في أوائل ما نزل ، والمؤمنون قليل ، سبب عن ذلك : { فأعرض عن من تولى * } أي كلف نفسه خلاف ما يدعو إليه العقل والفطرة من ولى { عن ذكرنا } أي ذكره إيانا ، فأعرض عن الذكر الذي أنزلناه فلم ينله ولم يتدبر معانيه فلا يلتفت إلى شيء علمه فإنه مطموس{[61727]} على قلبه ولو كان ذهنه أرق من الشعر فإنه لا يؤول{[61728]} إلا إلى شر
{ ولا تذهب نفسك عليهم حسرات }[ فاطر : 8 ] فإنه ما عليك إلا البلاغ .
ولما كان المعرض في وقت قد يقبل في آخر ، دل على دوامه على وجه بليغ بقوله : { ولم يرد } أي في وقت من الأوقات { إلا الحياة الدنيا * } أي الحاضرة ليقصده بالمحسوسات كالبهائم في العمى عن دناءتها وحقارتها ،
قوله : { فأعرض عن من تولى عن ذكرنا } يعني دع من أدبر عن الحق ، واستكبر عن منهج الله { ولم يرد إلا الحياة الدنيا } يعني لا يبتغي ولا يهوى إلا الحياة الدنيا وما فيها من متاع وشهوات وزخرف ، وبذلك يأمر الله عباده المؤمنين المخلصين أن يتركوا الظالمين المكذبين ، الناكبين عن شرع الله ، المعرضين عن منهج الإسلام ، ولا يريدون غير المتاع والتلذذ بالشهوات وطيبات الحياة الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.