فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا وَلَمۡ يُرِدۡ إِلَّا ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا} (29)

{ فَأَعْرَضَ عمن تولى عَن ذِكْرِنَا } أي أعرض عن ذكرنا ، والمراد بالذكر هنا : القرآن ، أو ذكر الآخرة ، أو ذكر الله على العموم ، وقيل : المراد بالذكر هنا : الإيمان ، والمعنى : اترك مجادلتهم فقد بلغت إليهم ما أمرت به ، وليس عليك إلاّ البلاغ ، وهذا منسوخ بآية السيف { وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الحياة الدنيا } أي لم يرد سواها ولا طلب غيرها بل قصر نظره عليها ، فإنه غير متأهل للخير ولا مستحقّ للاعتناء بشأنه . ثم صغر سبحانه شأنهم وحقر أمرهم ، فقال : { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مّنَ العلم } أي إن ذلك التولي وقصر الإرادة على الحياة الدنيا هو مبلغهم من العلم ليس لهم غيره ، ولا يلتفتون إلى سواه من أمر الدين . قال الفرّاء : أي ذلك قدر عقولهم ، ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة .