الإسلام : معناه هنا الاستسلام والانقياد لأمر الله .
من أشدُّ ظلماً وعدواناً ممن اختلقَ على الله الكذب ، وهو يدعو إلى الإسلام ! لقد دعاهم الرسولُ الكريم إلى نبذ الشِرك ، ودعاهم إلى الإيمان بالله وحده فلم يؤمنوا ، وأثاروا حوله الشكوك والافتراءات ، { والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } الّذين يفترون على الله الكذب .
{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ } بهذا وغيره ، والحال أنه لا عذر له ، وقد انقطعت حجته ، لأنه { يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ } ويبين له ببراهينه وبيناته ، { وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } الذين لا يزالون على ظلمهم مستقيمين ، لا تردهم عنه موعظة ، ولا يزجرهم بيان ولا برهان ، خصوصا هؤلاء الظلمة القائمين بمقابلة الحق ليردوه ، ولينصروا الباطل ، ولهذا قال الله عنهم :
قوله تعالى : { ومن أظلم } أي لا أحد أظلم " ممن افترى على الله الكذب " تقدم في غير موضع{[14942]} . { وهو يدعى إلى الإسلام } هذا تعجب ممن كفر بعيسى ومحمد بعد المعجزات التي ظهرت لهما . وقرأ طلحة بن مصرف " وهو يدعى " بفتح الياء والدال وشدها وكسر العين ، أي ينتسب . ويعي وينتسب سواء . { والله لا يهدي القوم الظالمين } أي من كان في حكمه أنه يختم له بالضلالة .
ولما كان التقدير إعلاماً بأنهم أظلم الناس لتعمدهم للكذب : فمن أظلم منهم لتهتكهم في ذلك ، عطف عليه قوله : { ومن أظلم } وعم{[65043]} كل من اتصف بوصفهم فقال : { ممن افترى } أي تعمد { على الله } أي الملك الأعلى { الكذب } الذي هو أقبح الأشياء { وهو } أي والحال أنه { يدعى } أي من أي داع كان { إلى الإسلام } الذي هو أحسن الأشياء فيكفي في الدعاء إليه أدنى تنبيه لأنه الاعتراف بالحق لمن هو له ، فيجعل مكان الإجابة افتراء الكذب في تلك الحالة{[65044]} الحسنى .
ولما كان التقدير : فهو لا يهديه الله لأجل ظلمه ، عطف عليه قوله : { والله } أي الذي له الأمر كله فلا أمر لأحد معه { لا يهدي القوم{[65045]} } أي لا يخلق الهداية في قلوب من فيهم قوة المحاولة للأمور الصعاب{[65046]} { الظالمين * } أي الذين يخبطون في عقولهم خبط من هو في الظلام .
قوله تعالى : { ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين 7 يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون 8 هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } .
ذلك نكير شديد من الله على أعدائه الظالمين الذين يريدون للإسلام أن يتبدد ويتداعى ، ويعلمون في كل الأحايين لإطفاء نور الإسلام كيما تغيب شمسه وينقشع ضياؤه عن وجه الأرض فما يبقى بعد ذلك إلا الظلم والظلام ، والشر والباطل والعدوان . فقال سبحانه : { ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام } يعني ليس من أحد أشد نكاوة وظلما وتلبسا بالباطل ممن اختلق الكذب على الله فأشرك به سبحانه واتخذ معه الآلهة والأنداد ، أو طعنوا في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنه ساحر ، أو إن ما جاءهم به كهانة أو شعر { وهو يدعى إلى الإسلام } أي يفتري الكذب على الله وهو يدعى إلى دين الحق والتوحيد ، دين الإسلام .
قوله : { والله لا يهدي القوم الظالمين } لا يجعل الله الهداية والتوفيق للذين يجنحون للشر والباطل ويختارون الشرك والجحود على الإيمان بالله وحده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.