فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ} (12)

{ وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا } أي الضروب والأنواع كالحلو والحامض والأبيض والأسود ، قال سعيد بن جبير الأصناف كلها وقال الحسن الأزواج الشتاء والصيف ، والليل والنهار ، والسماوات والأرض والجنة والنار . وقيل أزواج الحيوان من ذكر وأنثى ، وقيل أزواج النبات كقوله :

{ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } و { مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } وقيل : ما يتقلب فيه الإنسان من خير وشر وإيمان وكفر ، ونفع وضر وفقر وغنى ، وصحة وسقم وهذا القول يعمم الأقوال ويجمعها بعمومه ، وقيل : الأول أولى ، قال بعض المحققين : كل ما سوى الله فهو زوج كالفوق والتحت ، والربيع والخريف ، واليمين واليسار ، والقدام والخلف ، والماضي والمستقبل والذوات والصفات ، وكونها أزواجا يدل على أنها ممكنة الوجود ، محدثة مسبوقة بالعدم ، فأما الحق تعالى فهو الفرد المنزه عن الضد والند والمقابل والمعاضد .

{ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ } السفن { وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } أي ما تركبونه في البحر والبر وأريد بالأنعام هنا ما يركب من الحيوان ، وهو الإبل والخيل والبغال والحمير ، وقرينة هذا قوله في سورة النحل { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا } فحينئذ في الأنعام هنا تغليب إذ الأنعام هي الإبل والبقر والغنم وقال الشوكاني : المراد بالأنعام ههنا الإبل خاصة ، وقيل : الإبل والبقر والأول أولى انتهى .