صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ} (19)

{ هاؤم } أي خذوا ؛ اسم فعل أمر . والهاء في كتابيه و " حسابيه " وما ماثلهما للسكت ؛ لتظهر فتحة الياء .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ} (19)

قوله تعالى : " فأما من أوتي كتابه بيمينه " إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة . وقال ابن عباس : أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب ، وله شعاع كشعاع الشمس . قيل له : فأين أبو بكر ؟ فقال هيهات هيهات ! زفته الملائكة إلى الجنة . ذكره الثعلبي . وقد ذكرناه مرفوعا من حديث زيد بن ثابت بلفظه ومعناه في كتاب " التذكرة " . والحمد لله . " فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه " أي يقول ذلك ثقة بالإسلام وسرورا بنجاته ؛ لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح ، والشمال من دلائل الغم . قال الشاعر{[15315]} :

أبِيني أفي يُمْنَى يديكِ جعلتني *** فأفرح أم صَيَّرْتَنِي في شِمَالِك

ومعنى : " هاؤم " تعالوا ، قاله ابن زيد . وقال مقاتل : هلم . وقيل : أي خذوا ، ومنه الخبر في الربا ( إلا هاء وهاء ) أي يقول كل واحد لصاحبه : خذ . قال ابن السكيت والكسائي : العرب تقول هاء يا رجل اقرأ ، وللاثنين هاؤما يا رجلان ، وهاؤم يا رجال ، وللمرأة هاء ( بكسر الهمزة ) وهاؤما وهاؤمن . والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف ، قاله القتيبي{[15316]} . وقيل : إن " هاؤم " كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح . روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداه أعرابي بصوت عال فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم " هاؤم " يطول صوته . " وكتابيه " منصوب ب " هاؤم " عند الكوفيين . وعند البصريين ب " اقرؤوا " لأنه أقرب العاملين . والأصل " كتابي " فأدخلت الهاء لتبين فتحة الياء ، وكان الهاء للوقف ، وكذلك في أخواته : " حسابيه " ، وماليه ، وسلطانيه " وفي القارعة " ماهيه " . وقراءة العامة بالهاء فيهن في الوقف والوصل معا ؛ لأنهن وقعن في المصحف بالهاء فلا تترك . واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ويوافق الخط . وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد ويعقوب بحذف الهاء في الوصل وإثباتها في الوقف فيهن جمع . ووافقهم حمزة في " ماليه وسلطانيه " ، و " ماهيه " في القارعة . وجملة هذه الحروف سبعة . واختار أبو حاتم قراءة يعقوب ومن معه إتباعا للغة . ومن قرأهن في الوصل بالهاء فهو على نية الوقف .


[15315]:هو ابن الدمينة.
[15316]:وفيها لغات أخرى فارجع إليها في كتب اللغة.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ} (19)

{ فأما من أوتي كتابه بيمينه } الكتاب هنا صحائف الأعمال .

{ هاؤم اقرؤا كتابيه } هاؤم اسم فعل ، قال ابن عطية : معناه تعالوا وقال الزمخشري : هو صوت يفهم منه معنى خذ ، وكتابيه مفعول يطلبه هاؤم واقرؤوا من ضمير المعنى تقديره هاؤم كتاب اقرؤوا كتابي ثم حذف لدلالة الآخر عليه وعمل فيه العامل ، الثاني : وهو اقرأوا عند البصريين ، والعامل الأول : هو هاؤم عند الكوفيين ، والدليل على صحة قول البصريين أنه لو عمل الأول لقال اقرؤوه ، والهاء في كتابيه للوقف وكذلك في حسابيه وماليه وسلطانيه وكان الأصل أن تسقط في الوصل لكنها ثبتت فيه مراعاة لخط المصحف وقد أسقطها في الوصل بعضهم ، ومعنى الآية : أن العبد الذي يعطى كتابه بيمينه يقول للناس : اقرأوا كتابيه على وجه الاستبشار والسرور بكتابه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ} (19)

ولما كان من المعلوم أنهم قسمان : محسن ومسيء ، وكان التقدير : فنعطي كلاًّ منكم صحيفة أعماله من أفعاله وأقواله وجميع خلائقه وأحواله ، فمنكم من تدفع إليه في يمينه فتظهر له حسناته وتستر عنه سيئاته ، ومنكم من يعطاها في شماله فتبدو له سيئاته ويمحي ما كان من حسناته ، لأنه أوتي ثوابه في الدنيا بما عجل له من طيباته ، عطف عليه مفصلاً له قوله : { فأما من أوتي } بناه للمفعول لأن دلالة السعادة الوقوع في اليمين لا من معط معين { كتابه } أي الذي أثبت فيه أعماله { بيمينه{[68035]} فيقول } لما رأى من سعادته تبجحاً بحاله وإظهاراً لنعمة ربه لأن الإنسان مطبوع على أن يظهر ما آتاه من خير تكميلاً للذته بكبت{[68036]} أعدائه وتفريح أوليائه ، قيل : إنه تكتب سيئاته في باطن صحيفته وحسناته في ظاهرها ، فيقرأ الباطن ويقرأ الناس الظاهر ، فإذا أنهاه قيل له : قد غفرها الله ، اقلب الصحيفة ، فحينئذ يكون قوله : { هاؤم } أي خذوا أيها الحاضرون من الخلائق الملائكة وغيرهم ، فيها صوت يفهم منه معنى : خذوا ، ويوصل تارة بالكاف وتارة بالهمزة ، اسم فعل ، وإنما اختارها هنا ليعلم أن خطابها لجميع أهل الموقف{[68037]} من كان منهم باطناً من الملائكة والجن وغيرهم ، ومن كان منهم ظاهراً لأن الألف عند الربانيين غيب وإحاطة كما دل عليها مخرجها ، فهي عبارة عندهم عن القائم الأعلى المحيط ، وروي معنى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ، والهمزة {[68038]}بدء غيبه{[68039]} ولذا كان مخرجها أقصى الحروف الحلقية دلالة على ذلك ، وبدء غيب الله سبحانه وتعالى أفعاله وهي تشمل الظاهر والخفي {[68040]}أصلها الكاف{[68041]} فهي عندهم ظهور متكامل ذو استقلال ، وهو من يكون من شأنه الظهور ، وأبناء الجنس أحق بهذا{[68042]} ، وقد دل على ذلك مخرج الكاف الذي بعد القاف من أصل اللسان الأقرب إلى وسطه ، ومفعول " ما " محذوف عند البصريين دل عليه " كتابيه {[68043]} " من قوله : { اقرءوا كتابيه * } وهاؤه للسكت ، كأنها إشارة إلى شدة الكرب في ذلك اليوم للدلالة على أنه إذا كان هذا السعيد يسكت في كل جملة للاستراحة لا يقدر في الكلام على المضي فما الظن بغيره ، وتشير{[68044]} أيضاً مع ذلك إلى فراغ الأمر ونجازة الجزم{[68045]} به والوثوق بأنه لا يغير .


[68035]:- وقع في الأصل بعد "كتابه" والترتيب من ظ وم.
[68036]:- من ظ وم، وفي الأصل: بتكتب.
[68037]:- من ظ وم، وفي الأصل: الوقف.
[68038]:- من ظ وم، وفي الأصل: به عيبه-كذا.
[68039]:- من ظ وم، وفي الأصل: به عيبه-كذا.
[68040]:- من ظ وم، وفي الأصل: لما الكافل.
[68041]:- من ظ وم، وفي الأصل: لما الكافل.
[68042]:- من ظ وم، وفي الأصل: لهذا.
[68043]:- من ظ وم، وفي الأصل: كتابه.
[68044]:- من ظ وم، وفي الأصل: فسر.
[68045]:- من ظ وم، وفي الأصل: الأمر.