فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ} (19)

ولما ذكر سبحانه العرض ذكر تفصيل ما يكون فيه فقال { فأما من أوتي كتابه بيمينه } أي أعطي كتابه الذي كتبه الحفظة عليه من أعماله { فيقول } خطابا لجماعته لما سر به أو لأهله وأقربائه .

{ هاؤم اقرأوا كتابيه } قال ابن السكيت والكسائي : العرب تقول " ها " يا رجل ، والاثنين هاؤما يا رجلان وللجمع هاؤم يا رجال ، وقيل والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف ، قال ابن زيد ومعنى هاؤم تعالوا وقال مقاتل هلم وقيل خذوا ، والذي صرح به النحاة أنها بمعنى خذ تقول ها بمعنى خذ ، هاؤما بمعنى خذا ، وهاؤم بمعنى خذوا فهي اسم فعل ، وقد يكون فعلا صريحا لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها ، وفيها ثلاث لغات كما هو معروف في علم الإعراب ( {[1627]} ) .

والهاء في كتابيه وسلطانيه وماليه ، هي هاء السكت ، وقرأ الجمهور في هذه بإثبات الهاء وقفا ووصلا مطابقة لرسم المصحف ، ولولا ذلك لحذفت في الوصل كما هو شأن هاء السكت ، واختبار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ، ويوافق الخط يعني خط المصحف ، وقرأ جماعة بحذفها وصلا ، وإثباتها في جميع هذه الألفاظ واختار أبو حاتم هذه إتباعا للغة ، وقرئ بحذفها وصلا ووقفا ، تنازع في كتابيه هاؤم واقرأوا فاعمل الأول عند الكوفيين والثاني عند البصريين ، وأضمر في الآخر أي : هاؤموه قرأوا كتابيه أو هاؤم اقرأوا كتابيه .


[1627]:رواه أحمد في "المسند" وابن ماجه: 2/1430 من رواية وكيع عن علي بن رفاعة عن الحسن عن أبي موسى، قال البوصيري في "الزوائد": رجال الإسناد ثقات. إلا أنه منقطع، والحسن لم يسمع من أبي موسى، قاله علي بن المديني، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وقد رواه الترمذي عن الحسن عن أبي هريرة وقال: لا يصح هذا الحديث من قِبَل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، ورواه الطبري 29/59 من رواية مجاهد بن موسى عن زيد، عن سليمان بن حامد عن مروان الأصغر عن أبي وائل عن بعد الله نحوه، وقال ابن كثير: رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلا مثله.