صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

{ والليل إذا يسر } وأقسم بالليل وقت أن يسرى فيه . وإسناد السرى إليه مجاز ؛ على حد : ليل نائم ، أي ينام فيه . وحذفت ياؤه عند الجمهور وصلا ووقفا . اكتفاء عنها بالكسرة ؛ للتخفيف ولتوافق رءوس الآي . وأقسم به في هذه الحالة لما فيه من الستر الذي قد يقتضيه الحال .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } أي : وقت سريانه وإرخائه ظلامه على العباد ، فيسكنون ويستريحون ويطمئنون ، رحمة منه تعالى وحكمة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن كثير : قال مالك عن زيد بن أسلم ، { والليل إذا يسر } إذا سار . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

والليل إذا سار فذهب ... وقال بعضهم : عُنِي بقوله "وَاللّيْلِ إذَا يَسْرِ" ليلة جَمْع ، وهي ليلة المزدلفة ....

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه يسير ظلاما حتى ينقضي بالضياء المبتدئ، ففي تسييره على المقادير المرتبة ، ومجيئه بالضياء عند تقضيه في الفصول أدل دليل على أن فاعله يختص بالعز والاقتدار الذي يجل عن الاشباه والامثال . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وبعد ما أقسم بالليالي المخصوصة أقسم بالليل على العموم { إِذَا يَسْرِ } إذا يمضي ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وسرى الليل ذهابه وانقراضه ، هذا قول الجمهور...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أكثر المفسرين على أنه ليس المراد منه ليلة مخصوصة بل العموم بدليل قوله : { والليل إذا أسفر } { والليل إذا عسعس } ولأن نعمة الله بتعاقب الليل والنهار واختلاف مقاديرهما على الخلق عظيمة ، فصح أن يقسم به لأن فيه تنبيها على أن تعاقبهما بتدبيره مدبر حكيم عالم بجميع المعلومات .

الشعراوي – 1419هـ.

فهل الليل يسري، أم يُسرى فيه؟ إن الليل هو محل الإسراء، ولكن الحق سبحانه وتعالى كما جعل اللي يدبر ويقبل، والصبح يتنفس، فهذه مظاهر حياة، كذلك يقول: {والليل إذا يسر}، وكأن الليل له غاية ينتهي إليها، ويسير إلى هذه الغاية، فانتقل السُّرى من السير في الليل إلى نفس الليل، فكأن الليل له غاية، وهو يقطع فيها إلى أن ينتهي.

إذن.. فالحق سبحانه وتعالى يصور لنا المعاني تصوير الحياة، فيقو لنا: {والصبح إذا تنفس(18)} [التكوير]، وهل الصبح يتنفس، أم نحن الذين نتنفس؟! ولكنه إنما يعطي بالأمور المعنوية أموراً يصبغها بصبغة الحياة.

فعندنا مظهرية الحياة، الحركة وغيرها، وكل شيء فيه حياة بحسبه، أنت تفسر الحياة بقانونك أنت، والحياة في الحيوان بقانون الحيوان، وحياة النبات بقانون النبات، وكذلك الجماد، والمعاني، والأشياء، كلّ له حياة بقانونه.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

{ والليل إذا يسر } يعني ليل المزدلفة اذا مضى وذهب وقيل اذا جاء وأقبل

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

قوله تعالى : " والليل إذا يسر " وهذا قسم خامس . وبعد ما أقسم بالليالي العشر على الخصوص ، أقسم بالليل على العموم . ومعنى " يسري " أي يسرى فيه ، كما يقال : ليل نائم ، ونهار صائم . قال :

لقد لُمْتِنَا يا أمَّ غَيْلاَنَ في السُّرَى *** ونِمتِ وما ليلُ المَطَيِّ{[16032]} بنائمِ

ومنه قوله تعالى : " بل مكر الليل والنهار{[16033]} " [ سبأ : 33 ] . وهذا قول أكثر أهل المعاني ، وهو قول القتبي والأخفش . وقال أكثر المفسرين : معنى " يسري " : سار فذهب . وقال قتادة وأبو العالية : جاء وأقبل . وروي عن إبراهيم : " والليل إذا يسر " قال : إذا استوى . وقال عكرمة والكلبي ومجاهد ومحمد بن كعب في قوله : " والليل " : هي ليلة المزدلفة خاصة ؛ لاختصاصها باجتماع الناس فيها لطاعة اللّه . وقيل : ليلة القدر ؛ لسراية الرحمة فيها ، واختصاصها بزيادة الثواب فيها . وقيل : إنه أراد عموم الليل كله . قلت : وهو الأظهر ، كما تقدم . واللّه أعلم . وقرأ ابن كثير وابن محيصن ويعقوب " يسري " بإثبات الياء في الحالين ، على الأصل ؛ لأنها ليست بمجزومة ، فثبتت فيها الياء . وقرأ نافع وأبو عمرو بإثباتها في الوصل ، وبحذفها في الوقف ، وروي عن الكسائي . قال أبو عبيد : كان الكسائي يقول مرة بإثبات الياء في الوصل ، وبحذفها في الوقف ، اتباعا للمصحف . ثم رجع إلى حذف الياء في الحالين جميعا ؛ لأنه رأس آية ، وهي قراءة أهل الشام والكوفة ، واختيار أبي عبيد ، اتباعا للخط ؛ لأنها وقعت في المصحف بغير ياء . قال الخليل : تسقط الياء منها اتفاقا لرؤوس الآي . قال الفراء : قد تحذف العرب الياء ، وتكتفي بكسر ما قبلها . وأنشد بعضهم :

كَفَّاكَ كَفٌّ ما تَلِيقُ دِرْهَمًا *** جُودا وأخرى تعطِ بالسيف الدَّما{[16034]}

يقال : فلان ما يليق درهما من جوده ، أي ما يمسكه ، ولا يلصق به . وقال المؤرج : سألت الأخفش عن العلة في إسقاط الياء من " يسر " فقال : لا أجيبك حتى تبيت على باب داري سنة ، فبت على باب داره سنة ؛ فقال : الليل لا يَسْرِي وإنما يَسْرَى فيه ، فهو مصروف ، وكل ما صرفته عن جهته بخسته من إعرابه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : " وما كانت أمك بغيا{[16035]} " [ مريم : 28 ] ، لم يقل بغية ، لأنه صرفها عن باغية . الزمخشري : وياء " يسري " تحذف في الدرج ، اكتفاء عنها بالكسرة ، وأما في الوقف فتحذف مع الكسرة . وهذه الأسماء كلها مجرورة بالقسم ، والجواب محذوف ، وهو ليعذبن ، يدل عليه قوله تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك " إلى قوله تعالى " فصب عليهم ربك سوط عذاب " [ الفجر :13 ] . وقال ابن الأنباري هو " إن ربك لبالمرصاد " [ الفجر :14 ] .


[16032]:هذا البيت من قصيدة لجرير يرد بها على الفرزدق.
[16033]:آية 33 سورة سبأ.
[16034]:البيت في (اللسان: لبق) غير منسوب لقائله. وفي تفسير الطبري (طبعة الحلبي 12/116).
[16035]:آية 28 سورة مريم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

ولما كان تعاقب الليل والنهار أدل على القدرة وأظهر في النعمة ، قال رادّاً لآخر القسم على أوله ، ومذكراً بالنعمة وكمال القدرة ، لأن الليل أخفاهما سُرى وسراً ، فهو أعظمهما في ذلك أمراً ، لأن سير النهار ظاهر لسرايته بخلاف الليل فإنه محوى صرفه فكان أدل على القدرة { والّيل } أي من ليلة النفر { إذا يسر * } أي ينقضي كما ينقضي ليل الدنيا وظلام ظلمها فيخلفه الفجر ويسرى فيه الذين آبوا إلى الله راجعين إلى ديارهم بعد حط أوزارهم ، وقد رجع آخر القسم على أوله - وأثبت الياء في يسري ابن كثير ويعقوب وحذفها الباقون ، وعلة حذفها قد سأل عنها المؤرج الأخفش فقال : اخدمني سنة ، فسأله بعد سنة فقال : الليل يسرى فيه ولا يسري ، فعدل به عن معناه فوجب أن يعدل عن لفظه كقوله تعالى : { وما كانت أمك بغيّاً }[ مريم : 28 ] لما عدل عن " باغية " عدل لفظه فلم يقل : بغية - انتهى ، وهو يرجع إلى اللفظ مع أنه يلزم منه رد روايات الأثبات ، والحكمة المعنوية فيه - والله أعلم - من جهة الساري وما يقع السرى فيه ، فأما من جهة الساري فانقسامهم ليلة النفر إلى مجاور وراجع إلى بلاده ، فأشير إلى المجاورين بالحذف حثاً لهم على ذلك لما فيه من جلالة المسالك ، فكان ليل وصالهم ما انقضى كله ، فهم يغتنمون حلوله ويلتذون طوله من تلك المشاهد والمشاعر والمعاهد ، وإلى الراجعين بالإثبات لما سرى الليل بحذافيره عنهم آبوا راجعين إلى ديارهم فيما انكشف من نهارهم ، وأما من جهة ما وقع فيه السرى فللاشارة إلى طوله تارة وقصره أخرى ، فالحذف إشارة إلى القصير والإثبات إشارة إلى الطويل بما وقع من تمام سراه وما وقع للسارين فيه من قيام وصف الأقدام بين يدي الملك العلام كما قال الإمام تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله تعالى حيث قال مشيراً لذلك :

كم ليلة فيك وصلنا السرى *** لا نعرف الغمض ولا نستريح

الأبيات المذكورة عنه في المزمل ، فقد انقسم الليل إلى ذي طول وقصر ، والساري فيه إلى ذي حضر وسفر ، فدلت المفاوتة في ذلك وفي جميع أفراد القسم على أن فاعلها قادر مختار واحد قهار ، ولذلك أتبعه الدلالة بقهر القهارين وإبارة الجبارين ، وأما " بغي " فذكرت حكمته في مريم .