اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

1

قوله : { والليل إِذَا يَسْرِ } ، هذا قسم خامس ، بعدما أقسم بالليالي العشر على الخصوص ، أقسم بالليل على العموم ، ومعنى «يَسْر » أي : يسرى فيه ، كما يقال : ليل نائم ، ونهار صائم ؛ قال : [ الطويل ]

5191- لَقدْ لُمْتِنَا يا أم غِيلانَ في السُّرَى*** ونِمْتِ ، ومَا لَيْلُ المَطِيِّ بِنائمِ{[60073]}

ومنه قوله تعالى : { بَلْ مَكْرُ الليل والنهار إِذْ تَأْمُرُونَنَآ } [ سبأ : 33 ] ، وهذا قول أكثر أهل المعاني ، وهو قول القتيبي والأخفش .

وقال أكثر المفسرين : معنى «يَسْر » : سار فذهب .

وقال قتادةُ وأبو العاليةِ : جاء وأقبل{[60074]} .

وقيل : المراد : ينقص ، كقوله : { إِذْ أَدْبَرَ } [ المدثر : 33 ] ، { إِذَا عَسْعَسَ } [ التكوير : 17 ] .

و«يَسْرِ » : منصوب بمحذوف ، هو فعل القسم ، أي : أقسم به وقت سراه ، وحذف ياء «يَسْري » وقفاً ، وأثبتها وصلاً ، نافع وأبو عمرو ، وأثبتها في الحالين{[60075]} ابن كثير ، وحذفها في الحالين الباقون لسقوطها في خط المصحف الكريم .

وإثباتها هو الأصل ؛ لأنها لام فعل مضارع مرفوع ، وحذفها لموافقة المصحف ، وموافقة رءوس الآي ، وجرياً للفواصل مجرى القوافي .

ومن فرق بين حالتي الوقف والوصل ؛ فلأن الوقف محل استراحة .

قال الزمخشري{[60076]} : «وياء «يسري » تحذف في الدَّرج اكتفاء عنها بالكسرة ، وأما في الوقف فتحذف مع الكسرة » .

وهذه الأسماء كلها مجرورة بالقسم ، والجواب محذوف ، [ تقديره : ] {[60077]} ليعذبن ، بدليل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } [ الفجر : 6 ] ، إلى قوله : { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } [ الفجر : 13 ] وقد تقدم الكلام على ذلك .


[60073]:تقدم.
[60074]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/564) عن قتادة بلفظ: سار وذكره السيوطي بهذا اللفظ في "الدر المنثور (6/582) عن مجاهد وعزاه إلى الفريابي وعبد بن حميد والطبري وابن أي حاتم.
[60075]:ينظر: الحجة 6/403، وإعراب القراءات 2/476، و حجة القراءات 761.
[60076]:ينظر: الكشاف 4/746.
[60077]:في أ: وهو.