{ والليل إِذَا يَسْرِ } قرأ الجمهور { يَسْرِ } بحذف الياء وصلاً ووقفاً اتباعاً لرسم المصحف . وقرأ نافع وأبو عمرو بحذفها في الوقف وإثباتها في الوصل . وقرأ ابن كثير وابن محيصن ويعقوب بإثباتها في الوصل والوقف . قال الخليل : تسقط الياء منها موافقة لرؤوس الآي . قال الزجاج : والحذف أحب إليّ لأنها فاصلة والفواصل تحذف منها الياآت . قال الفرّاء : قد تحذف العرب الياء وتكتفي بكسر ما قبلها ، وأنشد بعضهم :
كفاك كفّ ما تليق درهما *** جوداً وأخرى تعط بالسيف دما
ما تليق : أي ما تمسك . قال المؤرج : سألت الأخفش عن العلة في إسقاط الياء من «يسر » فقال : لا أجيبك حتى تبيت على باب داري سنة ، فبتّ على باب داره سنة ، فقال : الليل لا يسري ، وإنما يسرى فيه ، فهو مصروف عن جهته ، وكلّ ما صرفته عن جهته بخسته من إعرابه ، ألا ترى إلى قوله : { وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } [ مريم : 28 ] ولم يقل بغية ، لأنه صرفها من باغية .
وفي كلام الأخفش هذا نظر ، فإن صرف الشيء عن معناه لسبب من الأسباب لا يستلزم صرف لفظه عن بعض ما يستحقه ، ولو صحّ ذلك للزم في كلّ المجازات العقلية واللفظية واللازم باطل فالملزوم مثله ، والأصل ههنا إثبات الياء ، لأنها لام الفعل المضارع المرفوع ، ولم تحذف لعلة من العلل إلا لاتباع رسم المصحف ، وموافقة رؤوس الآي إجراء للفواصل مجرى القوافي . ومعنى { والليل إِذَا يَسْرِ } إذا يمضي ، كقوله : { والليل إِذْ أَدْبَرَ } [ المدثر : 33 ] { والليل إِذَا عَسْعَسَ } [ التكوير : 17 ] وقيل : معنى «يسر » : يسار فيه ، كما يقال ليل نائم ونهار صائم ، كما في قول الشاعر :
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السرى *** ونمت وما ليل المطيّ بنائم
وبهذا قال الأخفش والقتيبي وغيرهما من أهل المعاني ، وبالأوّل قال جمهور المفسرين . وقال قتادة وأبو العالية : { والليل إِذَا يَسْرِ } أي جاء وأقبل . وقال النخعي : أي استوى . قال عكرمة وقتادة والكلبي ومحمد بن كعب : هي ليلة المزدلفة خاصة لاختصاصها باجتماع الناس فيها لطاعة الله سبحانه . وقيل : ليلة القدر لسراية الرحمة فيها . والراجح عدم تخصيص ليلة من الليالي دون أخرى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.