صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

{ فيظللن رواكد على ظهره } فيصرن ثوابت على ظهر البحر لا يجرين . يقال : ركد الماء ركودا – من باب قعد – سكن ؛ فهو راكد . وكل ثابت في مكان فهو راكد .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

{ إن يشأ يسكن الريح فيظللن } فيصرن { رواكد } ثوابت على ظهر البحر لا تجري { إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } لكل مؤمن

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

" إن يشأ يسكن الريح " كذا قرأه أهل المدينة " الرياح " بالجمع . " فيظللن رواكد على ظهره " أي فتبقى السفن سواكن على ظهر البحر لا تجري . ركد الماء ركودا سكن . وكذلك الريح والسفينة ، والشمس إذا قام قائم الظهيرة . وكل ثابت في مكان فهو راكد . وركد الميزان استوى . وركد القوم هدؤوا . والمراكد : المواضع التي يركد فيها الإنسان وغيره . وقرأ قتادة " فيظللن " بكسر اللام الأولى على أن يكون لغة ، مثل ضللت{[13520]} أضل . وفتح اللام وهي اللغة المشهورة . " إن في ذلك لآيات " أي دلالات وعلامات " لكل صبار شكور " أي صبار على البلوى شكور على النعماء . قال قطرب : نعم العبد الصبار الشكور ، الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر . قال عون بن عبد الله : فكم من منعم عليه غير شاكر ، وكم من مبتلى غير صابر .


[13520]:في الأصول:" ظللت أظل" بالظاء المعجمة. والتصويب عن الكشاف.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

ولما كان كأنه قيل : وما تلك الآيات ؟ ذكر ما يخوفهم منها ويعرفهم أن جميع ما أباحهم إياه من شؤونها إنما هو بقدرته واختياره فقال : { إن يشاء } أي الله الذي حملكم فيها على ظهر الماء آية بينة سقط اعتبارها عندكم لشدة الفكر لها { يسكن الريح } التي يسيرها وانتم مقرّون أن أمرها ليس إلا بيده { فيظللن } أي فتسبب عن ذلك أنهن يظللن أن يقمن ليلاً كان أو نهاراً ، ولعله عبر به مع أن أصله الإقامة نهاراً لأن النهار موضع الاقتدار على الأشياء وهو المنتظر عند كل متعسر للسعي في إزالة عسره وتيسر أمره { رواكد } أي ثوابت مستقرات من غير سير { على ظهره } ثباتاً ظاهراً بما دل عليه إثبات اللامين وفتح لامه الأولى للكل .

ولما كان ذلك موضع إخلاصهم الدعوة لله والإعراض عن الشركاء فإنهم كانوا يقولون في مثل هذا الحال : اخلصوا فإن آلهتكم - أي من الأصنام وغيرها من دون الله - لا تغني في البحر شيئاً ، وكانوا ينسبون ذلك شركاء مع طلوعهم إلى البر كانوا بمنزلة من لا يعد ذلك آية أصلاً ، فلذلك أكد قوله : { إن في ذلك } أي ما ذكر من حال السفن في سيرها وركودها مما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه بدليل ما للناس كافة من الإجماع على التوجه في ذلك إليه خاصة والانخلاع مما سواه { لآيات } أي على أن إحاطته سبحانه بجميع صفات الكمال أمر مركوز في العقول ثابت في الفطر الأولى مما لا يصد عنه إلا الهوى ، وعلى أن بطلان أمر ما دونه لذلك هو من الظهور بمكان لا يجهل .

ولما كانوا يتمادحون بالصبر على نوازل الحدثان والشكر لكل إحسان ويتذامون بالجزع والكفران ، وكان ذلك يقتضي ثباتهم على حال واحد فإن كان الحق عليهم لمعبوداتهم فرجوعهم عنها عند الشدائد مما لا ينحو نحوه ولا يلتفت لفتة أحد من كمل الرجال الذين يجانبون العار والاتسام بمسيم الإغمار ، وإن كان الحق كما هو الحق لله فرجوعهم عنه عند الرخاء بعد إنعامه عليهم بإنجائهم من الشدة لا يفعله ذو عزيمة ، قال مشيراً إلى ذلك بصيغتي المبالغة : { لكل صبار } أي في الشدة { شكور * } أي في الرخاء وإن كثر مخالفوه ، وعظم نزاعهم له ، وهاتان صفتا المؤمن المخلص الذي وكل همته بالنظر في الآيات فهو يستملي منها العبر ويجلو بها من البصيرة عين البصر .