صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

{ ثم أماته فأقبره } جعله ذا قبر توارى فيه جيفته تكرمة له . ولم يدعه مطروحا على وجه الأرض يستقذره الناس كافة ، وتنوشه الطير والسباع إذا ظفرت به كسائر الحيوان . والمراد أنه تعالى أمر بدفنه . يقال . قبر الميت يقبره ويقبره ، إذا دفنه بيده ؛ فهو قابر . وأقبره : إذا أمر بدفنه ؛ أو مكن منه . وفي الآية إشارة إلى مشروعية دفن الإنسان . أما حرقه بعد موته كما يفعل بعض الوثنيين فمناف للتكرمة ، ومنابذ للسنة الإسلامية ؛ فضلا عما فيه من البشاعة والشناعة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

{ ثم أماته } قبض روحه { فأقبره } جعل له قبرا يوارى فيه ولم يجعله ممن يلقى إلى السباع والطير

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

قوله تعالى : " ثم أماته فأقبره " أي جعل له قبرا يواري فيه إكراما ، ولم يجعله مما يلقي على وجه الأرض تأكله الطير والعوافي{[15806]} . قاله الفراء . وقال أبو عبيدة : " أقبره " : جعل له قبرا ، وأمر أن يقبر . قال أبو عبيدة : ولما قتل عمر بن هبيرة صالح بن عبد الرحمن ، قالت بنو تميم ودخلوا عليه : أقبرنا صالحا . فقال : دونكموه . وقال : " أقبره " ولم يقل قبره ؛ لأن القابر هو الدافن بيده ، قال الأعشى :

لو أسنَدَتْ مَيْتاً إلى نحرِها *** عاشَ ولم يُنْقَلْ إلى قَابِرِ

يقال : قبرت الميت : إذا دفنته ، وأقبره الله : أي صيره بحيث يقبر ، وجعل له قبرا ، تقول العرب : بترت ذنب البعير ، وأبتره الله ، وعضبت قرن الثور ، وأعضبه الله ، وطردت فلانا ، والله أطرده ، أي صيره طريدا .


[15806]:العوافي: طلاب الرزق من الإنس والدواب والطير، والمراد هنا: الوحوش والبهائم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ} (21)

ولذلك عقبه بقوله عاداً الموت من النعم لأنه لو دام الإنسان حياً مع ما يصل إليه من الضغف والخوف لكان في غاية البشاعة والشماتة لأعدائه والمساءة لأوليائه على أن الموت سبب الحياة الأبدية : { ثم } أي بعد أمور قدرها سبحانه من أجل وتقلبات { أماته } وأشار إلى إيجاب المبادرة إلى التجهيز بالفاء المعقبة في قوله { فأقبره * } أي جعل له قبراً فغيبه فيه-{[71704]} وأمر بدفنه تكرمة له وصيانة عن السباع ، والإقبار جعلك للميت قبراً وإعطاؤك القتيل لأهله ليدفنوه ، والمعنى الامتنان بأنه جعل للأنسان موضعاً يصلح لدفنه وجعله بعد الموت بحيث يتمكن من دفنه{[71705]} ، ولو شاء لجعله يتفتت مع النتن ونحوه مما{[71706]} يمنع من قربانه ، أو جعله بحيث يتهاون به فلا يدفن كبقية الحيوانات ، فقد عرف بهذا أن أول الإنسان نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة ، فما شرفه بالعلم إلا الذي أبدعه وصوره ، وذلك موجب لأن يشكره لا أن يكفره .


[71704]:زيد من ظ و م.
[71705]:من ظ و م، وفي الأصل: يمكن.
[71706]:من ظ و م، وفي الأصل: فما.