صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{فَلَوۡلَآ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ} (83)

{ فلولا إذا بلغت الحلقوم . . . } توبيخ لهم على تكذيبهم الآيات الدالة على أنهم تحت سلطانه وقهره سبحانه ، من حيث ذواتهم وطعامهم وشرابهم وسائر أسباب معايشهم . أي إن كنتم أيها الجاحدون لآياتنا ، المكذبون لرسولنا ، المنكرون لقدرتنا على سائر شئونكم – غير مربوبين لنا ، ولا مقهورين بسلطاننا ، وكنتم صادقين في اعتقادكم ذلك ؛ فهلا تردون إلى المحتضر روحه إذا بلغت حلقومه ، وشارفت الخروج من جسده ! ؟ وأنتم تشاهدون ما يقاسيه من هول الفزع وسكرات الموت ! وتحرصون كل الحرص على إنجائه منه ؟ ونحن أقرب منكم بعلمنا وقدرتنا ، حيث لا تعرفون كنه حالته ، ولا تفقهون أسبابها الحقيقية ، ولا تقدرون على دفعها . ونحن العالمون بها ، المسيطرون عليها ، النازعون لروحه من هيكلها الجسماني . ولكنكم لا تدركون ذلك لفرط جهالتكم بربكم ؟ وحاصل المعنى : أنكم إن كنتم غير مربوبين كما تقتضيه أقوالكم وأعمالكم ، فمالكم لا ترجعون الروح إلى البدن إذا بلغت الحلقوم ! وتردونها كما كانت بقدرتكم وسلطانكم ! و " لولا " حرف تحضيض بمعنى هلا . و " لولا " الثانية تأكيد لها و " إذا " ظرف لقوله : " ترجعونها " أي تردونها ، وهو جواب الشرطين : " إن كنتم غير مدينين – إن كنتم صادقين " . " غير مدينين " أي غير مربوبين لنا ؛ من دان السلطان الرعية : إذا سامهم وتعبدهم . وجملة " وأنتم تنظرون " حال من فاعل

" بلغت " . وجملة " ونحن أقرب إليه " مستأنفة لتأكيد توبيخهم على صدور ما يدل على سوء اعتقادهم في ربهم .