الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَإِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (79)

ثم قال تعالى : { وهو الذي ذرأكم في الأرض }[ 80 ] .

أي : أنشأكم فيها { وإليه تحشرون } أي : بعد مماتكم ، أي تصيرون إلى حكمه فيكم وعدله ، وليس هو حشر وصيرورة إلى قرب مكان ، لأن القرب والبعد في الأمكنة إنما يجوز على المحدثين الذين تحويهم الأمكنة ، والله لا يجوز عليه ذلك ، إنما هو حشر إلى وعده وحكمه فيهم ، وكذلك كل ما كان في القرآن من قوله : { وإليه ترجعون }{ وإليه يرجع الأمر كله } { وإليه تحشرون } كله معناه تصيرون إلى حكمه ووعده ومجازاته ليس هو صيرورة إلى قرب مكان ، سبحانه لا تحويه الأمكنة ولا تحيط به المواضع ، وليس كمثله شيء . الأمكنة كلها مخلوقة والأزمنة محدثة وهو قديم لا إله إلا هو ، فلا يحوي المحدث إلا محدثا . فافهم هذا واستعمله في كل ما جاءك منه في كتاب الله ، ولا تتوهم فيه قرب مكان ولا دنوا من موضع دون موضع ألزم فهمك ونفسك أنه تعالى لا يشبهه شيء ولا مثله شيء .