الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ أَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ فَمَا ٱسۡتَكَانُواْ لِرَبِّهِمۡ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (76)

ثم قال تعالى : { ولقد أخذناهم بالعذاب }[ 77 ] .

يعني أهل مكة أحل بهم الجوع والجدب ، وقتل سراتهم بالسيف ، { فما استكانوا لربهم } أي : فما/ خضعوا لربهم ، فينقادوا لأمره ونهيه : { وما يتضرعون } أي : يتذللون .

ويروى{[47583]} أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسني{[47584]} الجدب إذ دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن عباس{[47585]} : جاء أبو سفيان{[47586]} إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد نشدتك الله والرحمن ، لقد أكلنا العلهز يعني الوبر بالدم ، فأنزل الله { ولقد أخذناهم بالعذاب } الآية .

وروى في هذا الحديث أن أبا سفيان قال للنبي عليه السلام : أليس قد بعثت رحمة للعالمين . قال : نعم قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ، فأنزل الله تعالى : { ولقد أخذناهم بالعذاب . . . } الآية .

قال الحسن{[47587]} : إذا أصاب الناس من قبل الشيطان بلاء فإنما هي نقمة ، فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ، ولكن استقبلوها بالاستغفار ، واستكينوا وتضرعوا إلى الله ، وقرأ هذه الآية { ولقد أخذناهم بالعذاب } . . . الآية .

قال ابن جريج{[47588]} ، هو الجوع والجدب .


[47583]:انظر: جامع البيان 18/44.
[47584]:ز: سنين.
[47585]:انظر: مستدرك الحاك 2/394 وقال الحاكم (وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي على صحته. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/73 وقال: رواه الطبراني، وفيه علي ابن الحسين بن واقد، وثقة النسائي وغيره وضعفه أبو حاتم.
[47586]:هو أبو سفيان بن صخر بن حرب بن أمية عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي، وهو والد معاوية ويزيد وعتبة وأخوتهم. (ت: 33 هـ) له ترجمة في الاستيعاب 4/1680 والإصابة 3/237.
[47587]:انظر: جامع البيان 18/45.
[47588]:انظر: المصدر السابق.