الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ} (60)

ثم قال تعالى : { والذين يوتون ما آتوا وقلوبهم وجلة }[ 61 ] .

أي يعطون أهل سهمان الصدقة ، ما فرض الله لهم{[47505]} من أموالهم فما أتوا معناه : ما أعطوهم إياه من صدقة .

{ وقلوبهم وجلة } أي : خائفة من أنهم إلى ربهم راجعون ، فيخافون ألا ينجيهم ذلك من عذابه{[47506]} .

قال الحسن{[47507]} : إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، وأن المنافق جمع إساءة وأمنا ، ثم تلا هذه الآية إلى { ربهم راجعون } .

وقال الحسن{[47508]} : يعملون ما عملوا من أعمال البر وهم خائفون ألا ينجيهم ذلك من عذاب الله .

وقال ابن عباس{[47509]} : مال المؤمن ينفق يتصدق به وقلبه وجل أنه إلى ربه راجع .

وسئلت عائشة{[47510]} : عن هذه الآية فقالت : كانوا يقرأونها ، يأتون ما أتوا بألف .

وكذلك روى عنها أنها كانت تقرأه من المجيء ، تعني إتيان الذنوب ، أي : يأتون الذنوب وهم خائفون .

وقال ابن عمر{[47511]} : ( يؤتون ما أتوا ) : الزكاة .

وقال مجاهد{[47512]} : المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل .

وقال ابن جبير{[47513]} : / يفعلون ما فعلوا{[47514]} وهم يعلمون أنهم صائرون إلى الموت وهي من المبشرات .

وقال قتادة{[47515]} : يعطون ما أعطوا ، ويعملون ما عملوا من خير ، وقلوبهم وجلة خائفة .

وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قلت يا رسول الله { والذين يوتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } أهم الذين يذنبون وهم مشفقون ؟ فقال : " لا بل هم الذين يصلون وهم مشفقون ، ويصدقون وهم مشفقون ، ويصومون وهم مشفقون " .

وروي عن عائشة{[47516]} أيضا أنها قالت : قلت للنبي : يا رسول الله ، { والذين يوتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } أي ، هو الرجل يزني أو يسرق أو يشرب الخمر ، قال : " لا يا ابنة أبي بكر ، أو قال يا ابنة الصديق ، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف ألا يتقبل منه " .

وقرأ ابن عباس{[47517]} : ( يأتون ما أتوا من المجيء ) وروى ذلك على عائشة على تقدير : يعملون ما عملوا وهم خائفون .


[47505]:لهم سقطت من ز.
[47506]:ز: عذاب الله.
[47507]:انظر: جامع البيان 18/32.
[47508]:انظر: المصدر السابق.
[47509]:انظر: المصدر السابق.
[47510]:انظر: مختصر ابن خالويه: 100، والمحتسب 2/95.
[47511]:ز: عمر. (تحريف) والقول لابن عمر في جامع البيان 18/32.
[47512]:انظر: جامع البيان 18/32، والدر المنثور 5/11.
[47513]:انظر: جامع البيان 1832.
[47514]:ز: ما فعلوا من خير.
[47515]:انظر: جامع البيان 18/32، والدر المنثور 5/11.
[47516]:رواه الحاكم في المستدرك 2/294 وقال عنه: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي على صحته.
[47517]:انظر: المحتسب 2/95، ومعاني الزجاج 4/16-17.