تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلۡتُ مِنۡهُمۡ نَفۡسٗا فَأَخَافُ أَن يَقۡتُلُونِ} (33)

[ الآيتان 33و34 ] وقوله تعالى : { قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون } { وأخي هارون هو أفصح مني لسانا } كقوله{[15335]} في سورة الشعراء : { قال رب إني أخاف أن يكذبون } إلى قوله : { فأخاف أن ، يقتلون } [ الآيات : 12 . 14 ] أخر في هذا ما كان مقدما في الذكر في ذلك ، وذكر على اختلاف الألفاظ وتغيير الحروف ليعلم أن ليس على السامع حفظ الألفاظ والحروف بعد إصابة /397- ب/ المعنى وفهم ما قصد بها وأودع فيها لأن الله ذكر هذه الأشياء والقصص التي كانت من قبل في القرآن على اختلاف الألفاظ وتغيير الحروف على التقديم والتأخير والزيادة والنقصان ليعلم أن المقصود والمراد بذكرها ما فيها لا عين اللفظ والحروف . فإذا عرف ما فيها ، وفهم جاز الأداء بأي لسان كان وبأي لفظ كان ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { هو أفصح مني لسانا } يحتمل وجوها :

أما{[15336]} : أهل التأويل فإنهم قالوا : كان في لسانه ربَّى{[15337]} أي عقدة لما أدخل في فمه من النار . فذلك لا نعلمه ، وقد قال في آية أخرى : { واحلل عقدة من لساني } { يفقهوا قولي } [ طه : 27 و28 ] .

[ والثاني : يجوز ] {[15338]} أن يكون ذلك خلقة ، خلقه هكذا على ما خلق بعض الخلق أفصح وأبين من بعض .

أو أن يكون لما ذكر به من الخوف والذنب ما لم يكن ذلك لهارون{[15339]} ؛ ولا شك من اشتد به الخوف منع صاحبه عن التكلم والبيان ؛ وذلك متعالم معروف في الناس ، وهو ما { يفقهوا قولي } [ الشعراء : 12 ] .

أو أن يكون ذلك لأن نشوء هارون كان فيهم ، وهم بلسانه أعرف ولنطقه أفهم ، ولموسى فترات ، كان معتزلا عنهم .

وقوله تعالى : { فأرسله معي ردءا } أي عونا { يصدقني } ثم بين في آية أخرى أنه في ما طلبه منه عونا ، وهو ما قال : { واجعل لي وزيرا من أهلي } [ طه : 29 ] يصدقني{[15340]} في ما أقول إذا كذبوني هم ، أو أستأنس به إذا ضاق صدري بالتكذيب والرد .


[15335]:- في الأصل وم: وقال.
[15336]:- أدرج بعدها في الأصل وم: أحدها.
[15337]:- في الأصل وم: رقة.
[15338]:- في الأصل وم: فيجوز.
[15339]:- في الأصل وم: آخرون.
[15340]:- في الأصل وم: ويصدقني.