تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱسۡلُكۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖ وَٱضۡمُمۡ إِلَيۡكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهۡبِۖ فَذَٰنِكَ بُرۡهَٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (32)

[ الآية 32 ] وقوله تعالى : { أسلك يدك في جيبك } على ما ذكر في آية أخرى : { وأدخل يدك في جيبك تخرج } [ النمل : 12 ] يدل أن لا باس بتغيير الألفاظ واختلافها بعد إصابة المعنى وما قصد بها .

وقوله تعالى : { تخرج بيضاء من غير سوء } قد ذكرناه في ما تقدم .

وقوله تعالى : { واضمم إليك جناحك من الرهب } [ بالفتح الرَّهب ، وبالضم الرُّهب ]{[15332]} وقد قرئ بهما جميعا .

ثم قال بعضهم : هو على التقديم والتأخير . قوله : { من الرَّهب } موصول بقوله : { أقبل ولا تخف إنك من الآمنين } من الرَّهب أي الخوف والفرق .

وقال بعضهم : أمره أن يضم يديه إلى نفسه لأن ذلك أخوف وأهيب وأعظم من إرسالهما .

وذلك معروف أيضا في الناس أنهم إذا دخلوا على ملك من الملوك ضموا أيديهم وأجنحتهم{[15333]} إلى أنفسهم تعظيما لهم وتبجيلا أو خوفا منهم . فعلى ذلك جائز أن يأمره بضم يديه إلى نفسه ليكون بين يدي ربه أهيب{[15334]} وأخوف ما يكون ، وأعظم ما يجب له ، وهو ما قال له : { فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى } [ طه : 12 ] .

وقوله تعالى : { فذلك برهانان من ربك } أي اليد والعصا اللتان ذكرهما برهانان من ربك أي حجتنا { إلى فرعون وملأيه إنهم كانوا قوما فاسقين } .


[15332]:- في الأصل وم: بالضم والرهب بالفتح، انظر معجم القراءات القرآنية ج5/20.
[15333]:- في الأصل وم: وجناحيهم.
[15334]:- في الأصل وم: وأهيب.