فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلۡتُ مِنۡهُمۡ نَفۡسٗا فَأَخَافُ أَن يَقۡتُلُونِ} (33)

{ قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون33 وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون34 قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون35 }

لما علم موسى أن الله أرسله إلى فرعون وقومه شكا إلى ربه- وهو به وبكل الخلق عليم- وناجى مولاه بأنه مبعوث إلى قوم جبارين موتورين ، ففرعون وهامان وجنودهما أكثروا في الأرض الفساد ، فكيف إذا هم ظفروا بموسى وقد فر بعد أن قتل منهم واحدا ؟ ! مما جاء في روح المعاني : ومراده عليه السلام بهذا استدفاع البلية خوف فوات مصلحة الرسالة وانتشار أمرها ، كما هو اللائق بمقام أولي العزم من الرسل عليهم السلام ، فإنهم يتوقون لذلك ، كما كان يفعل- صلى الله عليه وسلم- حتى نزل : ) . . والله يعصمك من الناس . . ( {[3034]} ، ولعل الحق أن قصد حفظ النفس معه لا ينافي مقامهم . اه[ ودل على أن الخوف قد يصحب الأنبياء والفضلاء والأولياء مع معرفتهم بالله . - تعالى- وأن لا فاعل إلا هو ، إذ قد يسلط من شاء على من شاء ]{[3035]} ، وأتمم نعمتك علي ، ونبئ أخي ، وابعثه معي ، حتى يشاركني في حمل أمانات الرسالة ، ويؤازرني على الوفاء بعهدها ، رب ! وفي لساني عقدة قد لا أستطيع معها الإبانة عن كل ما أريد من قول ، وإني أخاف حين يسارعون إلى تكذيبي ورد ما أدعوهم إليه ، أن يشتد همي ، ويضيق صدري ، فينعقد لساني ، لاغتمام قلبي ، وأخي هارون أحسن مني بيانا ، فإذا قضت حكمتك أن تجعله لي وزيرا ومعينا يذب ويجادل عني ، فاجعله اللهم لي نصيرا ومؤازرا ، وفي سورة طه بينت آيات كريمات ضراعة موسى إلى مولاه في طلب شد الأزر : )قال رب اشرح لي صدري . ويسر لي أمري . واحلل عقدة من لساني . يفقهوا قولي . واجعل لي وزيرا من أهلي . هارون أخي . اشدد به أزري . وأشركه في أمري . كي نسبحك كثيرا . ونذكرك كثيرا . إنك كنت بنا بصيرا( {[3036]}


[3034]:سورة المائدة. من الآية 67.
[3035]:مما جاء في الجامع لأحكام القرآن.
[3036]:سورة طه. الآيات من: 25 إلى 35.